وقد سبقه إلى ذلك "جودل" في مسرحيته سابقة الذكر فجعل الملكة أيضًا تُسهب كثيرًا في أشعارها في نفس للغاية ذاتها.

ومنظر توديع كليوباترا لأولادها له نظيره في مسرحية "روبير جارنيا" التي عنوانها: "مارك أنطوان" في الفصل الخامس منها، وشعر شوقي في هذا الموقف أروع من شعر جودل من ناحية الصياغة.

وفي مسرحية مدام "دي جيرلدا" تظهر كليوباترا في صورة المستهترة التي أخذت على نفسها عهدًا بحياة الملذات ثم الموت، وفي جسمها الأنثوي نفس كبيرة، يتراءى سلطانها من ثنايا ضعفها ويتقهقر من بحضرتها أمامها لروعة جمالها، ولكن يلذ له التقهقر وتطيب له الهزيمة؛ حتى إن عبدًا يتطلع إلى الظفر بها ساعة، على أن يتجرع السم عقب ذلك، وهي في استهتارها واستغراقها في صبواتها تستجيب له، ويتجرع العبد السم بعد أن ينشد نشيد الموت، يتغنى فيه بالبطولة وصدق العاطفة، وحين يشرف على الموت بعد تناول السم، يَسقيه "ديويت" و"فانتديوس" ترياقًا ينجو به من الهلاك ليتخذه أداة انتقامية ومثار غيرة، ولكن هذا العبد هو الذي ينقذ كليوباترا من ذل الأسر إذ هو الذي يحمل إليها الثعبان في سلة من زهر.

وواضح شبه إنقاذ العبد من الموت بعد تناول السم، بإنقاذ "هلامي" بترياق بعد تجرعها السم لتموت مع سيدتها في مسرحية كليوباترا لشوقي، ثم إن نشيد الموت في مسرحية شوقي له كذلك نظيره في مسرحية مدام "دي جيرلدا".

ولا سبيل هنا لمقابلة جميع الصور الجزئية في شعر شوقي بنظائرها من المسرحيات الغربية، فحسبنا أن نضرب أمثلة من ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015