الأركان المظلمة، التي لولا انكشافها أمام عيوننا في هذا الضوء الوهاج، لما استطعنا أن نعرف ماذا نفعل؟ ولا إلى ما نتجه.
وإذا تَجَاوزت الدراسة الإحصاء إلى شيء من التفصيل، يبين فيه الباحث تأثير كل مصدر من مصادر الكاتب في مؤلفاته ففي هذه الحالة قد يقتصر على دراسة وتأثر الكاتب بأدب واحد من الآداب الأجنبية، فمثلًا يمكن أن يدرس تأثر شوقي بالأدب الفرنسي في مؤلفاته، كما درس تأثر فولتير في الأدب الإنجليزي، وعلى الباحث في هذه الحالة أن يدرس أولًا المؤلف نفسه دراسة دقيقة، ثم يقرأ من الأدب الأجنبي ما يمكن أن يكون قد أثر في إنتاج ذلك المؤلف.
ويبدأ بقراءة ما اعترف المؤلف بقراءاته من ذلك الأدب، ثم بالموضوعات المشابهة للموضوعات التي عالجها المؤلف، وربما يُسفر كل ذلك عن آفاق جديدة أمام الباحث تنير له السبيل، وقد تجعله يعثر على ما له قيمة جديدة في تعرف نواحي الكاتب وتأثره بالأدب الأجنبي الذي استعار منه.
وأوسع دراسات المصادر وأكثرها أهمية هو ما يبحث فيه عن مصادر الكاتب في الآداب المختلفة، وعن مبلغ ما استفاد منها في مؤلف واحد من مؤلفاته أو في مؤلفاته كلها، وهذه الدراسات خير ما يلقي الضوء على مواهب الكاتب وعلى نواحي نشاطه المختلفة.
وقام "فيرد ناند براد روسيه" بمثلًا طيب في ذلك حين درس المصادر المختلفة للكاتب الفرنسي "بلزاك" وبين في دقة وتعمق كيف استفاد بلزاك من مختلف الآداب التي أتيح له أن يتطلع عليها في فترات متعاقبة من حياته؟ وكيف لم يطغ ذلك على الطابع الشخصي للكاتب، وعلى دقة ملاحظته؟
وكذا قام الباحث "سي تولو" بمثل هذه الدراسة بحثًا عن مصادر "ألفريد ديفينيه".