ولنا مثل آخر في شاعرنا أحمد شوقي بعد سفره إلى أسبانيا؛ فقد كان لما رأى بها من آثار، ولما اطلع عليه فيها من عادات وأخلاق أثر قوي في إنتاجه الأدبي، في شعره ونثره.

وفي الآداب الغربية يمكننا أن نشير إلى ما كتبه "شاتو بريان" من قصص بعد سفره إلى أمريكا، ورؤيته حياة سكانها الفطريين -يقصد الهنود ولا يقصد الأمريكان الذين نعرفهم الآن، هؤلاء الأمريكان الذين احتلوا تلك البلاد بعد أن هاجروا إليها من أوربا، واستطاعوا أن يقضوا على الهنود الحمر تمامًا، فقتلوا منهم عشرات الملايين حتى خلصت البلاد لهم.

ففي قصص "شاتو بريان" تصويرًا لحياة سكان أمريكا الفطريين، وتقاليد الهنود الحمر الوطنية، ومكن الإشارة أيضًا إلى مدام "ديستال" بعد سفرها إلى ألمانيا ومخالطتها أهلها، وتعرفها على مفكريها.

كذلك يُمكننا أن نشير إلى تأثير مصر في الأدباء الفرنسيين في العصر الرومانتيكي، فقد أثرت فيهم بمناظرها وآثارها وبعادات قومها، وأعيادهم، وانعكس كل ذلك إما بطريق مباشر عن الإنتاج الأدبي لمثل "جيرال دينر فيل"، و"تيوفيل جوتيه"، و"فلوبير"، الذين كان وصفهم لمصر صورة صادقة لأهل عصرهم، وإما بطريق غير مباشر كما في حالة "فلوبير"، فقد أتته أثناء رحلته بمصر، فكرة قصته الخادلة مدام "موفاري"، التي تدور حوادثها في فرنسا، وقد أخذ اسم هذه القصة من اسم صاحب الفندق الذي نزل به في القاهرة فقد كان اسمه "بوفاريه" على أن الجو الذي يسود قصته الأخرى المسماة "سلامبو" يظهر عليه الطابع المصري بالرغم من أن حوادثها تجري في تونس.

على أن مصادر الكاتب لا تقتصر على ما أفاد في أسفاره، بل قد ترجع كذلك إلى مخالطته للبيئات والنوادي التي تهتم بالثقافات الأدبية العامية في أرجاء وطنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015