منها: ما انْطَبَع في خيالِ الكاتب نَتيجة لما رأى في أسفاره من مناظر طبيعية، وآثار فنية، وعادات وتقاليد قومية، وتلعب الأسفار في ذلك دورًا كبيرًا، من ذلك مثلًا وصف الشعراء العرب للبلاد الباردة في إيران بعد أن رحلوا إليها وعرفوها عقب الفتح العربي إذ رأوا بلادًا تختلف عن بلادهم الحارة القاحلة التي تمتلئ بالرمال والجبال، ولا تجري فيها قنوات أو أنهار، نرى في تلك الأشعار، مناظر الثلوج وقد سدت الأبواب وغطت البيوت، ونجد فيها أمطار الثلوج وكيف يحيا بها المملقون حياة الضنك والبؤس، من ذلك قول عربي ذكر بلاده على مرأى همزان:
وكيف أجيب داعيكم ودوني ... جبال الثلج مشرفة الرعان
بلاد شكلها من غير شكلي ... وألسنها مخالفة لساني
وأسماء النساء بها زنان ... وأقرب بالزنان من الزواني
وهناك شاعر آخر ذم همزان أيضًا، فقال:
قد آن من همزان السير فانطلقي ... وارحل على شعث شمل غير متفق
أرض يعذب أهلها ثمانية من الشهور ... كما عذبت بالدهق
فإن رضيت بثلث العيش ... فارض به على شارئط من يقنع بها يمق
المملقون بها سبحان ربهم ... ماذا يقاسون طول الليل أرق
تنسد أبوابهم بالثلج فهو لهم ... دون الرتاج رتاج غير منطبق
حتى إذا استحكمت بردًا غدا طبق ... من الضباب الذي أوفى على طبق
ينهل منها عليهم دائمًا ... ديمًا بالزمهرير عذابًا صب من أفق
فويل من كان في حيطانه قصر ... ولم يحسن رتاج الباب من غلق
الناس من ذي اللحى تهوي أنوفهم ... فوق الشوارب كالمصدوم بالبلق