وطالما افتنوا في وصف قصور الأمراء الزاخرة بجموع من النساء، وكثيرًا ما كان ذلك موضع استملاحهم ومثار فكاهاتهم.

وفي القرن التاسع عشر كثرت الرحلات الأدبية إلى بلاد الشرق، واتسع أفق الرحالة في وصفهم لشعوب تلك البلاد، وعادات أهلها، وتقاليدهم، واهتموا كذلك بوصفهم لمناظر البلاد وما بها من آثار، وما يسودها من نظم، ودخلت مصر ذلك العصر الأدب الفرنسي، فعني الكتاب من الفرنسيين برسم صورة لها في أدبهم.

وامتاز الرحالة في القرن التاسع عشر الأدباء بالتحري والاستقصاء في كتاباتهم، بالدقة في وصفهم، وكان لما كتبوه عن البلاد الأخرى قيمة كبيرة تاريخية وعلمية، ولكن الصورة العامة التي بقيت في الأدب الفرنسي من مصر، وعن شعوب الشرق بوجه عام، ظلت مشوبة بكثير من مخلفات ما كتبه الأدباء عن الشرق في العصور السابقة، وهذا أمر طبيعي؛ لأن الإنسان لا يرى بعين نفسه فقط بل يرى بعيني من قرأ بهم وتأثر.

وهناك عوامل كثيرة تتعاون في خلق وجهة نظر كل إنسان، منها ما اكتسبه من البيئة، ومنها ما اكتسبه من التربية في البيت أو في المدرسة، ومنها ما اكتسبه من الكتب التي قرأها، وما اكتسبه من الأصدقاء الذين خالطهم، ومن المؤلفين الذين أحبهم وأعجب بهم، ومن تراثه الطويل الذي اطلع عليه أو وصل إليه بطرق أخرى.

ومن هنا نستطيع أن نفهم ما قاله الدكتور هلال: من أن الصورة العامة التي بقيت في الأدب الفرنسي عن مصر وعن الشرق بوجه عام قد ظلت مشوبة بكثير من مخلفات ما كتبه الأدباء عن الشرق فيما سبق ذلك من عصور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015