بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(تصوير الآداب القومية للبلاد والشعوب)
درسنا تصوير الآداب القومية للبلاد والشعوب، وهو مجال آخر من مجالات الأدب المقارن.
والمقصود به: ما يكتبه المؤلفون في كل أدب، وتأثيره على كتاب أو على بيئة أو جنس من البيئات، والأجناس الأدبية في بلد آخر، سواء كانت هذا التأثير لكاتب فرد، أو لطائفة من الكتاب.
ونقطة البدء في هذا البحث: أن نأخذ كاتبًا ما، أو جماعة من الكتاب، أو أدب أمة بأثره، بوصفه مركزًا للإشعاع والتأثير ثم نبحث عن صلتهم بكاتب أو بمذهب أدبي أو بأدب أمة بأثرها بوصفه مركز انعكاس للتأثير، وربما لا نستغني عن اعتبار بعض الكتاب الآخرين وسطاء بين هذا الطرف وذاك، وهؤلاء الوسطاء يلعبون دورًا هامًا في التأثير والتمهيد له بأفكارهم ونقدهم.
وأوّل ما يلفت نظرنا، ويدفعنا إلى استطلاع معالم الصراط الأدبية، هو التشابه في النصوص لكاتبين أو لعدد من الكتاب في آداب مختلفة تشابهًا يجعلنا نَظُنّ أنّ هُناك صلات بين هؤلاء الكتاب، صلات تأثير وتأثر بطبيعة الحال.
ومِن ثَمّ ينبغي على الباحث الكشف عن تلك الصفات وتحديدها، وأول شيء ينبغي الوقوف له أمامه هو تاريخ صدور النصين؛ ليعرف من منهما السابق ومن منهما اللاحق، وقد يغني عن كل ذلك نص واضح من المؤلف يعترف فيه أنه حاكى أو تأثر أو أعجب بأفكار هذا الكاتب الأجنبي أو ذاك، ويكون هذا الاعتراف مفتاح البحث المثمر الأكيد.