ولكن من الواضح في الوقت نفسه أن شعوبًا أخرى وكتابًا آخرين من غير العرب قد اشتغلوا عليها وطوروها وحولوها إلى أجزاء من تراثهم الأدبي والعاطفي، وربما أكثر من هذا طوال القرون التي تلت ظهورها في المحيط العربي.
صحيح أن حكاية مجنون ليلى، أو ليلى والمجنون أعيد إليه الاعتبار -عربيًّا- في القرن العشرين فحولت مثلًا إلى مغناة رائعة لحنها وغناها محمد عبد الوهاب وأسمهان في صيغة اشتغل عليها أحمد شوقي مازجًا أشعارًا حديثة بأشعار القديمة من منسوبة إلى قيس بن الملوح المعروف بالمجنون، كما حولت إلى مسرحيات وأفلام سينمائية كان منها فلمًا للتونسي "الطيب الوحيشي" إضافة إلى استلهامها في أعمال أديبة حديثة عدة.
ولكن في المقابل ظلّ الإهمال من نصيب هذا العامل المتميز في العالم المعرفي في وقت كان العالم كله يستلهمه، أو يأممه أو يصوغ على منواله أعمالًا تقترب أو تدن بحسب الظروف أو بحسب الثقافات، ومن هنا مثلًا نجد مخرجًا أرمينيًّا جورجيًّا مثل "بارك جانوف" يُحقق أكثر من فلم تلوح من خلاله الحكاية نفسها؛ عاشق غريب مثلًا.
بل إننا لو تبحرنا في آداب شعوب عدة لم يفوتنا أن نرى الحكاية ذاتها تتكرر لاسيما في مناطق وسط أسيا التي نعرف أنها تأثرت كثيرًا بالحضارة العربية وأثرت فيها.
ثم يمضي العريس قائلًا: وفي هذا السياق تحديدًا يكون لافتًا أن نذكر أن الثقافة الفارسية بالتحديد وعلى قلم ولسان بعض كبار شعرائها وكتابها كانت من أكثر ثقافات العالم اهتمامًا بهذه الحكاية شعرًا ورواية ورسمًا، حتى إلى درجة يمكن معها القول: إنّ فارس كانت هي لا الثقافة العربية المكان الذي حفظ الحكاية