وقد كتبت السيرة بأسلوب نثري مسموع تغلب عليه السلاسة مع تطعيمه بما يقارب عشرة آلاف بيت شعري.
وإذا كانت أم عنترة -حسبما نعرف من سجلات التاريخ- عبدة حبشية فإنها في السيرة ليست أقل من أن تكون بنت ملك الحبشة نفسه، أُسرت في بعض المعارك وأخذت إلى بلاد العرب حيث أصبحت أمة من الإماء، أما ابنها فكان ذا قوة أسطورية بالغة وعمر بلغ من الطول حدًّا خياليًّا، إذ امتدت حياته عدة قرون، كما كان باستطاعته وهو طفل رضيع أن يمزق أقوى الملابس التي يقمطونها بها، وحين صار له من العمر سنتان تمكن من تقويض إحدى الخيام، ولما بلغ الرابعة قتل كلبًا ضخمًا، وفي التاسعة ذئبًا، وعندما صار راعيًا فقد صرع أسدًا، وكان في مقدوره أن يجندل أي قرن ينازله في المعركة ثم يكسب قلبه بعد ذلك، وبشجاعته وبدفاعه البطولي عن قبيلته استطاع أن يكتسب حريته فيعترف به أبوه ويعامله معاملة الرجال الأحرار.
أما عمه أبو حبيبته عبلة الذي وعده أن يزوجه إياها في لحظة من لحظات الحاجة إليه، فقد حاول التملص من ذلك الوعد باشتراطه عليه تحقيق بعض المطالب التي من شأنها أن تعرضه للخطر الداهم، إلا أن بطلنا استطاع أن يُنجز كل ما طلب منه، وفاز بحبيبة قلبه رغم كل الأهوال التي لقيها، ثم لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أضيف إليه نجاحه في وضع حد للصراع الدموي بين القبائل التي تنتمي إلى ذات النسب.
كذلك قَام هو نفسه بتعليق قصيدته على أستار الكعبة بعد تفوقه على كل شعراء المعلقات في منافسة شعرية ومبارزة سيفية، ثم ترك مكة إلى خيبر حيث هدم مساكن اليهود، ثم تأخذ السيرة عنترة خارج بلاد العرب إلى العراق بغية الحصول على النوق العصافيرية التي طالبه بها عمه مهرًا لعبلة.