وأذكر بهذه المناسبة أنه كان لي زميل وصديق ياباني أثناء المرحلة الجامعية، كان قد أسلم حديثًا؛ فكان يُرَدّد علينا طول النهار نكتًا عن مهران العبيط، أو كما كان ينطقها "مهرانا أبيت" نكتة وراء أخرى، وهي في الواقع حكايات جحوية، وقد عزا كاتب مادة نصر الدين في "الوكبيديا" الإنجليزية هذا التشابه إلا أن تلك النوادر قد ترجمت إلى كثير من اللغات.

وفي المادة الخاصة بنصر الدين خوجا في الموسوعية "اليوفرسانية" الفرنسية "سيكلوبيديا يونيفرسليز" أن حكايات هذا الأخير ترتد في أصلها إلى جحا العربي، وإن أضيفت إليها أشياء من هنا وهناك، تبعًا للبلاد التي مرت بها أثناء رحلتها الطويلة عبر التاريخ والجغرافيا.

وبالعودة إلى التاريخ -كما يقول الكاتب- نكتشف أن كل هذه الشخصيات قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، بما يدل على أنها تكونت شخصياتها على أساس من شخصية جحا العربي، الذي سبقهم جميعًا. وهو دجين بن ثابت الفزاري.

والواقع أن ما قاله كاتب المادة صحيح، إذ تذكر مقالة النسخة الإنجليزية من الموسوعة: أن أقدم مخطوطة للنوادر المنسوبة إلى نصر الدين تعود إلى أوائل الثلث الأخير من القرن السادس عشر الميلادي، أما النسخة الفرنسية من الموسوعة؛ فترجع تاريخ نصر الدين نفسه إلى ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر الميلاديين، على حين أن المصادر التي تتحدث عن جحا العربي، وتورد نوادره أقدم من ذلك كثيرًا.

وعلى سبيل المثال فإن الجاحظ يورد في "رسالة البغال" النادرة التالية من نوادر جحا: "نظر جُحا إلى رجل بين يديه، يسير على بغلة؛ فقال الرجل: الطريق يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015