المجردة، تلك الحقيقة التي يتخذ شهرزاد رمزًا لها، ويظل سائرًا في طريق التجرد من ماديته وعواطفه بجهوده الفكرية التي ينوء بها أحيانًا؛ فيتردد في طريقه، ولكنه لا يلبس في عاقبة أمره أن يكشف عن فشل جنوده في محاولة التجرد من جسده وعاطفته.
ولا شك أنّ الشّاعر الإنجليزي "بايرونخ" في مسرحيته التي عنوانها "مانفرد" متأثر بمسرحية "فاوست" لـ"جوته" والشبه قوي بين المسرحيتين في الموقف العام، والمنهج الفني، وإن كان هذا الشبه جزئيًّا ومحدودًا، ذلك أن مسرحية "مانفرد" تشبه في موقفها العام مسرحية "فاوست" في جزئها الأول فحسب، وموقف "مانفرد" يُشبه بعض وجوه موقف "فاوست" كما يشبه بعض الوجوه الأخرى موقف "مارجريت" في مسرحية "جوته" السابقة الذكر.
وطبيعي أن يتشابه الموقف العام في المسرحيات، وتكون مادة مواضعها متشابهة في وقت معًا، ونضرب مثلًا: مسرحية "أوديب الملك" للشاعر اليوناني "سوفوكليس" وموضوعها: "سلطان القدر الساحق الذي قد يحول انتصارات المرء إلى هزائم، وهزائمه إلى انتصارات، ومادة الموضوع هي الأسطورة اليونانية الشهيرة التي تنبأ فيها الكاهن بأنه سيولد "للايوس" ملك طيبة ولد يقتل أباه ويتزوج أمه؛ فيأمر ذلك الملك راعيًا من الرعاة بأن يأخذ ابنه الوليد، ويلقيه على جبل كي يفترسه وحش.
وقد أشفق الراعي على الطفل وأسلمه لراع آخر حمله إلى "يوليبس" ملك مدينة "كورنسا" المحروم من الولد؛ فربّاه وهيأه لولاية عهده، وعندما تنبأت العرافة بأنه سيقتل أباه، ويتزوج أمه يهوله ذلك ويغادر "كورنسا" لئلا يقع في المحظور، ويتجاهل طيبة، وهي وطنه الحقيقي وفي الطريق يلتقي برجل على عربة خلفه