وحين مثلت أمام حبيبها "هيبولت" لم يكن في نيتها إلا أن توصي ابنها الصغير قبل موتها، ثم تغلبها عاطفته المسلوبة؛ فتكني له عن حبها؛ فيغضب لذلك "هيبوليت" الذي كان قلبه مشغولًا بحب أخرى، وتندم هي على ما فرط منها من تصريح لم تقدر عواقبه.
ويَزْداد الموقف خطورة بعودة زوجها، فلا تجد لها منفذًا غير الموت، وإذا وصيفتها تشرح لها ما يجر موتها على ابنها الصغير، ثم على شرفها، وتغريها باتهام حبيبها بأنه هو الذي حاول أن يعتدي عليها في غيبة زوجها، فتأبى بادئ الأمر أن تطيع وصيفتها كل الإباء ثم تستسلم مشدوهة حين تفاجئ بلقاء زوجها؛ فتعارض بـ"هيبوليت" عارضًا يثير الشكوك في وجهها دون أن تصرح، حتى إذا أكملت وصيفتها دورها ضد "هيبوليت" استيقظ ضميرها، وحاولت أن تعترف بفريتها لزوجها كي تنقذ "هيبوليت" البريء، ولكنها تقع فريسة الغيرة حين تعلم أن "هيبوليت" يحب غيرها، ولا تفيق من هذه الغيرة إلا بعد موت حبيبها؛ فتعترف لزوجها وقد تجرعت السم.
وهكذا ظلت "فدر" على وعي بعبء هذه الأحداث، عالمة كل العلم بما عليها من تبعة، وبما سيقت إليه من إثم، على أنها بعد لم تتطلع لأمر غير ممكن في حينه، وهكذا نجد العقل ماثلًا؛ حتى في أقوى ما خالفه من الأدب الكلاسيكي من وصف للعاطفة حين تبلغ أقصى حالات شبوبها، على أن الكلاسيكيين طالما حذروا من العواطف مسار الشرور والأهواء، وطريق الخيال الجامح، والخيال هو الجانب الخادع في النفس، الذي يقود إلى الخطأ والذلل.
فكما يقول الكاتب: فإنه في المسرحيات الكلاسيكية قد تنتصر العاطفة على الواجب، ولكن المؤلف لا يعرض ذلك إلا ليُبين مواطن الضعف الإنسانية،