استيعاب العلوم العصرية. فضلًا عن الزعم بأن هذا هو التطور الطبيعي للأمور؛ فكما حدث أن اللاتينية التي كان يستعملها عدد من البلاد الأوروبية في العصور الوسطى، قد اختفت في العصر الحديث من دنيا الاستعمال، وحلت مكانها اللهجات المختلفة التي انشعبت منها كالفرنسية والإيطالية والإسبانية؛ فكذلك من الطبيعي أن تختفي العربية الفصحى لتأخذ مكانها اللهجات المتعددة التي تستخدمها الشعوب العربية في أغراض حياتها اليومية.

ومن الذين دعوا في مصر إلى استخدام العامية في الكتابة: "مجلة المقتطف" التي كانت تنزع منزعًا غربيًّا واضحًا، وذلك في سنة ألف وثمانمائة وإحدى وثمانين ميلادية، ثم قاض إنجليزي في محكمة الاستئناف المصرية اسمه "ويلمر" أصدر كتابًا في عام ألف وتسعمائة واثنين، حاول فيه التقعيد للعامية القاهرية، ودعا إلى اتخاذها أداة للكتابة بدل الفصحى. وتلاه بعد أربع وعشرين سنة إنجليزي آخر هو مهندس الري "ويليم كوكس" الذي ترجم أجزاء من الإنجيل إلى العامية تطبيقًا عمليًّا لتلك الدعوة المشبوهة، أمّا في لبنان فممن تولوا كبر هذه الدعوة: "روفائيل نخلة" الذي كان يدعو إلى العامية وتزيينها لمن حوله، والذي يقول العالمون ببواطن الأمور: إنه هو المؤلف الحقيقي للكتاب الذي عليه اسم "مارون غصن" في قواعد العامية اللبنانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015