وهذه نظرية خاطئة: إذ تفترضُ أنّ أهْلَ الأنْدَلُس كانوا يَتحَدّثون بالعامية الأعجمية، وهو ما لم يَحْدُث ولا قال به أحد، وكيف يمكن أن يقوله أي أحد، بل كيف يمكن أن يخطر شيء من هذا بباله، ولم يحدث يومًا أن اتخذ العرب لغة أهل البلاد التي فتحوها وهم في قوتهم، لقد كان العرب أعز من ذلك بآماد لا تتصور. ثم كيف يكون الناس جميعًا يتناقلون هذا الشكل الشعري سرًّا فيما بينهم؟ إنّ السر معناه أن ينفرد به بَعضُ النّاس دون بعض، أما أن يكون سر بين الناس جميعًا؛ فلا أدري كيف يكون. كذلك فإن الموشحة لم تكن تُنظم بالعامّية الأعجمية، بل كُلّ ما هنالك أن خرجات بعض الموشحات من بين المئات، البعض فقط كانت تكتب بالعامية، وبعض هذه الخرجات المكتوبة بالعامية كان يكتب بالعامية الأعجمية، علمًا بأن الخرجة لا تمثل إلا جزءًا صغيرًا جدًّا من الموشحة، وأنّ ذَلك النّوع من الخرجات لم يكن يكتب جميعه بالعامية، ولا بالعامية الأعجمية، إذ قد يقتصر هذا على كلمة أو كلمتين فحسب.

وفضلًا عن ذلك؛ فإن الأزجال -وهي فن شعري ينظم بالعامية كاملًا- إنما كانت تنظم بالعامية العربية، لا الأعجمية كما يعرف ذلك كل أحد، ولو كانت عامية أهل الأندلس هي الأعجمية لنظمت الأزجال على الأقل بتلك العامية، لا بالعامية العربية التي يفترض حسب تلك النظرية أنها لم تكن تستعمل هناك، ثم إنه لم يحدث أن أحدًا من العرب القدماء -ممن كتب عن ذلك الطراز من النظم- سواء كان من أهل الأندلس أو من غيرهم، قد أشار ولو مجرد إشارة إلى شيء من هذا الذي قاله "ريبيرا". أما لو كان هناك من الأندلسيين غير المسلمين من كتب شيئًا من هذا الذي يقوله "ريبيرا" فليرينا إياه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015