وكذلك اللوحة التي ترسم ابتهال النبي الكريم في غزوة بدر لربه أن ينصر عصبة المسلمين؛ لأنها إن هلكت فلن يعبد سبحانه في الأرض. أو تلك التي تسجل لنا ما صنعته هند بنت عتبة في جثة حمزة وكبده، أو تلك التي تنقل لنا لوعة صفية أخت البطل الشهيد، وتعقيب النبي حين سمع بكاء النساء على قتلى أحد، قائلًا في حزن: ((لكنّ حَمزة لا بواكي له)) فذهبت مثلًا.

أو اللوحة التي حدثتنا فيها عن عائشة عن تفاصيل واقعة الإفك، وبخاصة الحلقة الأخيرة منها، عندما نَزل الوحي على رسول الله في بيت أبويها، يبرئها مما قرفت به -رضي الله عنها- ظلمًا وبهتانًا من قبل المنافقين الملاعين، ومن انخدعوا بما قالوه -عفا الله عنهم. وهذا الذي قلناه عن سيرة ابن إسحاق وابن هشام ينطبق على كثير من كتب التاريخ، ولنأخذ هذا النص مثلًا من كتاب ابن الأثير في التاريخ، وفيه يُصَوِّرُ لنَا ليلة من الليالي التي مَضت على الحُسين، وآله ورجاله قريبًا من كربلاء، وقَد عَرض عليهم بعض قادة الجيش الأموي الاستسلام.

قال ابن الأثير: "فجَمَع الحُسين أصحابه بعد رجوع عمر فقال: أثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السراء والضراء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وجعلت لنا أسماعًا وأبصارًا وأفئدة، وعلمتنا القرآن وفقهتنا في الدين؛ فاجعلنا لك من الشاكرين، أما بعد: فإني لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي؛ فجزاكم الله جميعًا عني خيرًا، ألا وإني لأظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدًا، وإني قد أذنت لكم جميعًا؛ فانطلقوا في حل ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غَشيكم فاتخذوه جبلًا، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله خيرًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015