قال: ثم ذهب عني؛ فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر برة، قلت: وما برة؟ قال: ثم ذهب عني فلما جاء الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال: احفر المضمونة، فقال: فقلت: وما المضمونة؟ قال: ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر زمزم، قال: قلت: وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدًا ولا تذم؛ تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل.

قال ابن إسحاق: فلما بُيّن له شأنها، ودُلّ على موضعها، وعرف أنه قد صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب، ليس له يومئذ ولد غيره؛ فَحَفر فيها فلما بدا لعبد المطلب الطي كبّر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه فقالوا: يا عبد المطلب، إنها بئر أبينا إسماعيل، وإن لنا فيها حقًّا؛ فأشركنا معك فيها، قال: ما أنا بفاعل، إنّ هذا الأمر قد خصصت به دونكم، وأعطيته من بينكم، فقالوا له: فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه، قالوا: كاهنة بني سعد بن هذيل، قال: نعم، وكانت بأشراف الشام، فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر، قال: والأرض إذ ذاك مفاوز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام، فني ماء عبد المطلب وأصحابه، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة؛ فاستسقوا من معهم من قبائل قريش، فأبوا عليهم وقالوا: إنّا بِمَفازة، ونحنُ نخشى على أنفسنا مثلما أصابكم.

فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم، وما تخوف على نفسه هو وأصحابه، قال: ما ترون؟ قالوا: ما رأينا إلا تبع لرأيك؛ فمرنا بما شئت، قال: فإني أرى أن يحفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015