فيما يقع من أحداث، وهو يرى أن هناك اضطرادًا في السلوك الإنساني، شبيهًا بِمَا يَحدثُ في الطبيعة، ومن أفضل كتب التاريخ التي ألفت في القرن الثالث عشر الهجري كتاب عبد الرحمن الجبرتي (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) ويعد الجبرتي من بين أشهر مؤرخي العالم العشرة، وكذلك كتب المؤرخ العربي الكبير ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي.
وتقول مادة hestory في موسوعة "كلومبيا" نفس الشيء، ونفس الأمر نجده في موسوعة "انكارتا" الناطقة بالفرنسية، والواقع أنّ الكتاب المعروف بـ "مقدمة ابن خلدون" يعد أساسًا لما أصبح يُعرف فيما بعد بعلم الاجتماع، إذ قام ابن خلدون في تلك المقدمة بفلسفة التاريخ، وأوضاع المجتمعات الإنسانية، ووضع قوانين يرى أنها تحكم مسيرة البشر؛ فلم يكتف برصد وقائع التاريخ، وتسجيلها كما يفعل غيره من المؤرخين، بل قدم تفسيرًا لسلوك الأمم والمجتمعات والدول، يمكن أي إنسان أن يستعمله في تحليل تاريخ أية أمة؛ فنقل بذلك علم التاريخ من حالته الغفل إلى وضعه العلمي الذي صار إليه منذ ذلك الحين. وعما أنجزه ابن خلدون في هذا المجال نسمعه يقول: "فأنشأت في التاريخ كتابًا، وأبديت فيه لأولية الدول عملًا وأسبابًا، وسلكتُ في ترتيبه وتبويبه مسلكًا غريبًا، واخترعته من بين المناحي مذهبًا عجيبًا، وطريقة مبتدعة وأسلوبًا، وشرحت من أحوال التمدن والعمران، وما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية، وما يمتعك بعلل الكوائن وأسبابها".
وفي مقال بعنوان "نظرات في الفكر المنهجي عند ابن خلدون" يكتب علال البوزيد قائلا: "إن ابن خلدون كان مجددًا أيضًا في ميدان الأدب، إذ كان في طليعة كُتاب القرن الثامن الهجري، الذين نَبذوا أغلال السجع وغيره من المحسنات