يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه، من أجلِ أنّه لم يعرف له وجهًا في الصحة، ولا معنى في الحقيقة؛ فليعلم أنه لم يؤت ذلك من قِبلنا، وإنّما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا. وأنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا". ونادرًا ما ينتقدُ الطبري أخباره أو يرجح رواية عن أخرى، وهذا المنهج متبع عند بعض علماء الحديث وغيرهم؛ حيثُ يَذْكُرون ما يبلغهم، ويسوقون سنده ليؤخذ الصحيح ويحتج به، ويُعرف غير الصحيح ويعتبر به.

ولهذا لا يكفي في المنهج العلمي السليم الإحالة على الطبري أو غيره، من الكتب المسندة دون الحديث عن سند الرواية؛ فالطبري مثلًا يروي عن مئات الضعفاء والمتروكين، الذين لا يعتمدهم المحدِّثون في تلقي الأحكام الشرعية والعقائد والحكم على مواقف الصحابة -رضي الله عنهم. ولهذا أصبح تاريخ الطبري مرتعًا خصبًا لأهل الأهواء من أبناء المسلمين وغير المسلمين، لاسيما المستشرقين؛ فالصحابة مثلًا -رضي الله عنهم- عدول بتعديل الله تعالى ورسوله -عليه السلام- وهو اعتقاد أهل السنة والجماعة، لأن الله -سبحانه وتعالى- قد قال فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110) وقال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).

وقال فيهم الرسول: ((استوصوا بأصحابي خيرا ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) و ((لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)). ((الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا؛ فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015