وتزخر الرسالة بروح الفكاهة والإضحاك، بما يضع ابن الشهيد في مكانة بارزة من السخرية والطرافة. ومن المُرَجّح أنّ ابن شُهَيدٍ استوحى موضوع الرسالة متأثرًا بقصة الإسراء والمعراج، كما تأثر بها أيضًا الإيطالي "دانتي" في رسالته (الكوميديا الإلهية) وهذا باب طويل في الأدب المقارن.

ويماثل (التوابع والزوابع) (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري في المشرق؛ فالكاتبان يلتقيان معًا في الخيال والأوصاف والسخرية والإضحاك، ولكنهما يختلفان في اللغة؛ فلغة المعري لا تخلو من تعقيد، وإغراء، وسجع ملتزم، ولغة ابن شهيد سلسة طيعة بعيدة عن التكلف والصنعة، تزاوج تارةً، وتسجع أخرى، وتسترسل ثالثة؛ ففيها لكل مقام مقال.

وهُنا يَنبغي أن نقول كلمة عن (الكوميديا الإلهية)؛ فهي ملحمة شعرية طويلة للشاعر الإيطالي "دانتي ألجري" عُرفت في الأدب العالمي بهذا الاسم، وقد بدأها "دانتي" عام ألف وثلاثمائة وثمانية، وانتهي منها عام ألف وثلاثمائة وواحد وعشرين، وموضوعها الرئيسي هو الحياة بعد الموت، و"دانتي" هو الشخصية الرئيسية فيها، وتنقسم إلى الجحيم المطر والجنة أو الفردوس، وقد أطلق عليها "دانتي" (الكوميديا) لأنها انتهت نهاية سعيدة، ثم أضافت إليها الأجيال اللاحقة صفة الإلهية.

وقسم "دانتي" الأقسام الثلاثة في القصيدة إلى أجزاء أخرى تسمى الأجزاء الداخلية، ويضم كل من قسمي المطر والفردوس ثلاثة وثلاثين جزءًا، أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015