وفي المجلس الثاني وهو مجلس الكتاب يقدم ابن شهيد رؤية جديدة، وهي أن للكتاب شياطين كما للشعراء شياطين. ويبدأ بالجاحظ، ويحاور عبد الحميد الكاتب وبديع الزمان، ويسجلهم في قضايا تتصل بالسجع وبالمزاوجة، وبالأساليب والبيان، ويخلص إلى انتزاع شهادات بإجازتهم له، وتفوقه عليهم.

أما المجلس الثالث فيُبين ابن شهيد من خلاله طائفة من القضايا النقدية التي كانت تشغل ذوق العصر، وفي المجلس الأخير ينتقل ابن شهيد وتابعه إلى أرض بها حيوانات من الجن، حيث يحكم في قطعتين شعرتين غزلتين لبغل محب وحمار عاشق، وتنتهي الرسالة بحوار بن الشهيد مع الإوزة، التي يرى أنها تابعة لبعض شهود اللغة، وأرادت أن تُناظره في النحو وغريب اللغة؛ فأعرض عنها وزجرها لسخفها وحماقتها.

ومن أهم سمات أسلوب ابن الشهيد القصصي: حظه من الخيال؛ فخياله قوي خلاق، تحفه طائفة من الصورة الدقيقة الوصف، معناة بتصفية الأخلاق والأشكال في إطار من تحليل نفسي، وقد اهتم بالأوصاف الدقيقة، وكأنه دون أن يشعر يُعَوّض عن ضعف حاسة السمع لديه؛ فهو يكثر من الصور المتحركة والمسموعة.

كما كان عنصر التشويق أداة من أدوات أسلوبه، بجانب الاستطراد الذي يقتضيه السياق القصصي؛ فضلًا عن ظاهرتي الحوار الداخلي والمباشر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015