وهذا يقودنا إلى الربط بين المقامة والفن الروائي، فقد ذكر "بيير كاكيا" أن الفن الروائي لم يجد متنفسًا له إلا في المقامة، وهي كلمة تُرجمت إلى الإنجليزية بعنوان "أسيمبلي" وإلى الفرنسية بلفظ "سيونس"، بما يفيد أنه يمكن قراءتها في جلسة واحدة، وينقل بهذا الصدد محمد رجب البيومي عن الفيلسوف الفرنسي "إرنست رينان" هذا الإعجاب بالمقامة، التي آثرها على "مجموعة بلزاكي" الأدبية، بحيث إن الحريري قاد شحاذه في خمسين موقفًا مختلفًا بقوة اختراع عجيبة ودقة وتأمل في الأخلاق والعادات، لنعلم المهارة والغرابة التي تنطوي عليها فكرة المقامات، أرادوا أن يضعوا للقرن التاسع عشر مهزلة بشرية يشير "رينيه" إلى "مجموعة بلزاكي" المسماة بهذا الاسم، فلم يعرفوا كيف يجعلونها في قالب مقبول، في حين حقق الحريري هذه الفكرة للمجتمع الإسلامي في القرن الثاني عشر، أما "بلزاك" فقد نقصته شخصية أبي زيد التي لا تكاد تلمسها حتى تفلت.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.