العربي تأثرًا واضحًا، وبالنسبة إلى قصص الفروسية والحب يذكر الدكتور محمد غنيمي هلال أن المرأة في المجتمعات الأوروبية -إبان العصور الوسطى وفي آدابها- قد ظلت مهملة لا يؤبه لها حتى القرن الحادي عشر، حين أخذ يظهر خلق الفروسية الذي يزاوج بين أخطار الحب وأخطار الحرب، فمثلًا في كتاب (فن الحب العفيف) لـ"أندريه لوشه بلا" نرى إدراكًا جديدًا للحب، فيه ترتفع المرأة إلى مكانة سامية لم تكن تعرفها من قبل، إذ يخضع الفارس لها خضوعًا مطلقًا ويضحي بكل شيء في سبيل حبه لها، ويبكي أمامها بسبب شدة الوجد الذي يلاقيه غير مستنكف من ذلك شيئًا، فضلًا عن أن حبه لها هو حب طاهر نبيل يتغذى على الحرمان ويستعذب فيه صاحبه العذاب.
ويؤكد الدكتور هلال أن هذا المفهوم الجديد للحب قد نشأ على أثر اتصال الغرب بالشرق في الحروب الصليبية وفي الأندلس، ومما له دلالته أن الأميرة التي ألف لها الكتاب المذكور وهي "ماري دي فرانس" أميرة إقليم "شمبانيا" هي حفيدة "بيوم" التاسع أمير "بواتيا" ودوق "أكتانيا"، الذي عاش في أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر الميلاديين، وشارك في الحروب الصليبية وهو أول شاعر من شعراء "التروبادور"، ويتبين في شعره هذا المفهوم الجديد للحب، ومن يقابل بين ما كتبه مؤلف الكتاب المذكور عن الحب وما كتبه ابن داود الظاهري في كتابه (الزهرة) وابن حزم في كتابه (طوق الحمامة) -وهما سابقان عليه بوقت طويل- يجد تشابهًا واضحًا، وهناك من هذا الضرب من القصص الأوربي قصة (لانسيلو) التي ألفها "كرتيان دي تروا"، وقصة (سجن الحب) للكاتب الإسباني "سان بدرو" الذي عاش في القرن الخامس عشر، وقصة (أماديس ديجولا) لـ"جارثي أوردنييس" ونشرها في عام ألف وخمسمائة وثمانية للميلاد.