الكاتب الفارسي يخلع على كثير من مقاماته خلعة صوفية بتعبير المؤلف، كما في (المقامة السقباجية) التي تجري في إثر (المقامة المضيرية) للهمذاني إذ يوجد فيها شيوخ ومريدون.

وكما يرى القارئ فإن بحث الدكتور بديع جمعة قد توفرت فيه كل الشروط التي تشترطها المدرسة الفرنسية بوجه عام في هذا المجال، إذ ثبت أن الحميدي قد استقى فن المقامة عن الهمذاني، وأنه قلده في كثير من النواحي الفنية المتعلقة بها، وإن لم ألاحظ أن الدكتور جمعة يتشدد كما يتشدد عامة المقارنين الفرنسيين، فقد وجدته واعيًا تمامًا بتميز المدرسة الأمريكية بذلك الحق، ولم أسمعه ينادي بوجوب التزام النهج الفرنسي، أيًّا ما يكن الأمر فقد لمس الأستاذ الباحث مسألة جدًّا مهمة، وهي أن فن المقامات لم يكتب له الرواج والانتشار في الأدب الفارسي، ذلك أنه لم يكرر المحاولة أحد بعد الحميدي كما يقول.

وقد علل الأستاذ الدكتور هذا بأن الفارسية فقيرة في الكلمات المترادفة والمتساجعة بالقياس إلى لغة الضاد، ومن ثم لا تصلح كثيرًا لكتابة المقامات التي تلتزم السجع والمحسنات البديعية، وأخيرًا فقد أذكر أن الدكتور زكي مبارك قد كتب قائلًا: إن فن المقامة قد انتقل أيضًا إلى الأدبين السرياني والعبراني. وهو ما أشار إليه الدكتور شوقي ضيف، ولعل الله يقيد للمسألة انتقال هذا الفن من العربية إلى السريانية والعبرية من يدرسها هي أيضًا.

وفي العصور الوسطى ظهرت في أوربا قصص ذات طابع شعبي هي "الفابليو"، كما ظهر لون آخر هو قصص الفروسية والحب، وهذه القصص قد تأثرت بالأدب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015