وهو بهذا للصنيع ناكر ... والحق لا يجحده المكابر
قال ابن آدم: شهود زور ... يلزمهم في ذلك التعزير
نسأل يا حية تلك الشجرة ... تشهد لي شهادة بعشرة
فنطقت بمنطق فصيح ... وأخبرت بالخبر الصحيح
قالت: وحق زمن الربيع قد ... ضاع في ابن آدم صنيعي
أظله في القيظ تحت ظلي ... أكفيه شر وابل وطل
وكلما تنضج فوقي ثمرة ... أرمي بها إليه بل بالعشرة
ومنظري يسره بالخضرة ... فيتلالى وجهه بالنضرة
ومع هذا كله يقطعني ... للنار أو في بِركة ينقعني
ولم يسل عما جنى من خيري ... يجني معي كما جنى مع غيري
فالتهب الإنسان غيظًا ونفر ... وقتل الحية ظلمًا بحجر
وهكذا العتو شأن الأمرا ... أظلم منه في الناس لم أرَ
تسمع منهم صيحة وضجة ... إن أنت ألزمتهم بالحجه
ومما عرضناه في هذه النماذج التي أجرينا فيها مقارنة بين ما كتبه محمد عثمان جلال، وبين ما كتبه لافونتين تتبين لنا الحقائق التالية:
أولًا: أن محمد عثمان جلال لم يكن مترجمًا لخرافات لافونتين بالمعنى الحرفي للترجمة، وإنما كان ناقلًا لها بتصرف يتفاوت مقداره من خرافة إلى أخرى معربة كانت أم ممصرة.
ثانيًا: أن مصرية محمد عثمان جلال قد غلبت عليه إلى حد كبير، وتجلى ذلك في استخدامه أمثالًا شعبية مصرية، وتعبيرات مصرية، بل تعدى ذلك إلى الإضراب عن استعمال اللغة العربية الفصحى في بعض الخرافات، وكتابتها بالزجل العامي المصري.