ولابن الهبارية (تاريخ الفطنة في نظم كليلة ودمنة) أي: أنه نظمه أهو أيضًا شعرًا.
وعن أثر (كليلة ودمنة) في الأدب العربي والآداب العالمية، تقول الدكتورة نفوسه زكريا في كتابها (خرافات لافونتين في الأدب العربي): لم تقتصر شهرة كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع بين العرب وحدهم، بل امتد إلى الشرق والغرب وصار الكتاب بعد ضياع الأصل الهندي والترجمة الفارسية الأصل الذي ترجمت عنه لغات العالم، حتى إن الفرس أنفسهم قد ترجموه عدة مرات وفي عصور مختلفة إلى لغتهم، وكان من هذه الترجمات ترجمة حسين واعظ كاشني المعروفة بأنوار سيري، ترجمها في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي وأهداها إلى الأمير أحمد السهيلي، أحد الأمراء في عهده ونسبها إليه.
وهذه الترجمة الفارسية التي كان الأصل العربي أساسًا مباشرًا لها، هي التي ترجمها إلى الفرنسية داود ساهل الأصبهاني بعنوان: كتاب الأنوار أو أخلاق الملوك، تأليف الحكيم الهندي بلباي بيدبا، وقد ظهرت هذه الترجمة عام ألف وستمائة وأربعة وأربعين في عهد لافونتين، ولعل لافونتين اطلع عليها وعرف عن طريقها بيدبا الذي يعترف لافونتين نفسه بأنه كان من مصادره، حيث يقول في مقدمة المجموعة الثانية من خرافاته: ليس من الضروري فيما أرى أن أقول هنا: من أين استقيت هذه الموضوعات الأخيرة؟ غير أني أقول فقط اعترافًا بالفضل: إني مدين في أكثرها بالباي بيدبا الحكيم الهندي الذي تُرجم كتابه إلى كل لغات.
ولقد أحدث كتاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع ازدهارًا في فن القصة المروية على ألسن الحيوان الخرافة في الأدب العربي، لا في عصر ابن المقفع فحسب، بل فيما تلاه من عصور، فمنذ أن عرفت العربية هذا الكتاب اتجهت أنظار أدبائها شعراءًا وكتابًا إلى هذا النوع من القصص، منهم من نظم كتاب (كليلة ودمنة)، ومنهم مَن قلده.