عقيدة الآباء والأجداد، وكان منذر قد ذهب إلى القبض على المسلمين في بيت جابر بن الربيع، وهو من أهل الحيرة، فاقتنع بالإسلام بعد حوار عقلي عن الحياة الآخرة والبعث والوحي، وجبريل والنبي، دار بينه وبين أشجع وسعد، وهما صحابيان نزلَا الحيرة من يثرب لنشر الدعوة.

وبعد أن ختم هذا الحوار استمع إلى آيات القرآن الكريم تتلى عليه من أشجع، فآمن ثم ذهب يخطب سلفراس التي كانت تتنازعها هوى رستم رسول كسرى وأمينه، فأطلعته على ترددها بشأنه واستمهلته؛ حتى تفكر، وما فتئ أبوها أن علم بأن منذرًا قد أصبح من المسلمين، وأتى يستخبره فلم ينكر منذر إسلامه، وقد انتحت سلفراس بمنذر جانبًا تراجعه في هذا الأمر على حِدة، وتسأله عن الله في شبه الرثاء، وحدث أن أقبل رستم لتقتيل المسلمين، ولثني منذر ورده عن عقيدته، تقول سلفراس:

لهف نفسي عليك منذ أن عاداك ... عقلي فقد تمناك قلبي

إن تكن همت في ضلال من الرأي ... فحسبي إنكار رأيك حسبي

ثم لحسن شاه:

ما لقلبك أنه يتنزى بين ... غوص لأخمصي ووثب

ليس دقاته الملحة كالأمواج ... إلا صيحات لوم وعَتبي

ناعيات علي أني تجنيت ... على حبه وأهدرت حبي

فنرى في البيت الأول التركيبة الكلاسيكية للعقل والقلب بمعنيين متقابلين في الصراع لسلفراس، وهو صراع بين الإذعان العقلي لدينها الخرافي، وبين التسليم القلبي لحبها مع ميل شديد للحب واضح من استنباطها تجنيها على حبها، هذا التجني الذي تنعاه عليها دقات قلب كالأمواج، وهذا الصراع شبيه بصراع بولين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015