التي يجسدها في القطاع التاريخي، بل يقف محايدًا لا يتدخل، فيمكن بذلك ملاحظة حكمة تاريخية تنطوي عليه أعماله لا يعتسف إليها سبيلًا، بل ربما تتأتى من أنه اقتطع موضوعات معينة تشف عنه في يُسر، فهو لا يفعل بوجه الدقة مثلما فعل راسين، حين يقصر إلى تغليب الحب على الواجب قصدًا، أو كما صنع كورني إذ ينصر الواجب على الحب، أو يحدث التوفيق بينهما حسب خطة مدبرة.

ويعود الكاتب بعد قليل إلى ذات النقطة فيوضحها فضل توضيح، إذ يقول: لقد ارتكز عزيز أباظة إلى إبراز هذه المراكز الدائرة بين العامل النفسي، الذي ينبع من دافع إنساني قوي فَردي متأصل في النفس البشرية، وبين عامل أخلاقي قد يكون وضعيًّا فهو غير مغروس في أعماق النفس البشرية، إذ ينبغ من عرف الجماعة أو القبيلة أو العشيرة، وهو ما يتفق على سماته بأدب المواضعة والاصطلاح.

أي: أن عزيز أباظة اعتمد به نفس الصراع الذي أجازه شوقي، والملاحظ: أن الصراع في نفوس شخصياته عندما يتقرر بين الحب وبين هذا العامل الوضعي مجردًا، فإنه ليكون صراعًا بين عاملين مستوى واحد، فلا يهز ضمير الشخصية ولا يستخرج مكنوناتها بنفس الثراء الذي يحققه كورني في سِنَّا مثلًا، حيث يدور الصراع بين عاملين مستوى واحد تقريبًا بقدر ما يجعل الشاعر المسرحي يعرضه عرضًا، ويؤديه تأدية كطبيعة الصراع مع العامل الوضعي نفسه، علاوة على أنه لا يعمقه.

وفي موضع آخر من الكتاب يفصل كاتبون القول بعض التفصيل في هذه النقطة،: في مسرحية (قافلة النور) يدور صراع في نفس سيلفراس ابنة شهرمان والي الحيرة، بين حبها للمنذر قائد الحيرة وبين واجبها في الحفاظ على دينها، وهو دين فارس دين الزرادشتية الحاضة على ترديد دعاء يمجِّد النار، وهي بالنسبة لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015