يعيشون في العراق مثلًا، ويبدعون أدبهم باللغة الكردية؟ أو البربر الذين يعيشون في بلاد المغرب العربي، ويكتبون أدبهم بالأمازيغية؟ وماذا عن الفرس الذين يكتبون أدبهم باللغة العربية؟ إن المسألة في كل حالة من هذه الحالات تحتاج إلى تأن في التحليل ومرونة في التفكير، وربما لم نصل بعد ذلك كله إلى حل مرض، إذ دائمًا ما توجد على الحدود الفاصلة بين المفاهيم والمبادئ حالات تشكل علامة استفهام وقلق، ولا يصل الباحث بشأنها إلى شيء حاسم.
فأما في حالة الكرد الذين يكتبون أدبهم باللغة الكردية، فأرى أن يطلق على ما يكتبون الأدب الكردي، حيث تتطابق في حالتهم اللغة والعرق، ومثلهم في ذلك البربر الذين يكتبون أدبهم بالأمازيغية، فيسمى هذا بالأدب الأمازيغي، لكن الأمر يختلف في حالة العرب الذين يعيشون في فرنسا ويصطنعون لآدابهم الفرنسية، ولكنهم لا يكتبون إلا عن بلادهم الأولى، ومشاكل المجتمعات التي وفدوا منها، ولا ينتمون إلى القومية الفرنسية ولا يشعرون من الناحية السياسية أنهم فرنسيون حتى لو تجنسوا بالفرنسية.
والدليل على هذا أن أعمالهم إنما تتناول أوطانهم وأوضاع شعوبهم التي نزحوا منها، سواء كان ذلك النزوح نزوحًا أبديًّا أو مؤقتًا، إن العبرة هنا بمضمون الأدب وروحه وطعمه وتوجهاته واهتماماته، وعلى هذا نقول عن ذلك اللون من الكتابة: إنه أدب عربي مكتوب بالفرنسية، وهذا الأدب يمكن أن يكون محل دراسة مقارنة مع الأدب الفرنسي، ولكن من ناحية أخرى هدفها التعرف إلى مدى اختلاف أسلوب الكاتب عن الأسلوب الفرنسي الأصيل، أو اتفاقه معه في نكهته ومفرداته وتراكيبه وعباراته وصوره، ومثله ما يكتبه الأدباء الهنود أو أدباء جنوب أفريقيا في بلادهم بالإنجليزية، إذ إن أعمالهم في هذه الحالة إنما ترتبط