ومن عجائب الأقدار أيضًا أن أحدًا من العرب قبل العصر الحديث لم يحاول أن يستلهمها في عمل أدبي، إلى أن جاء عصرنا الحالي فوجدنا الأمر يأخذ منحًى جديدًا، فهناك كتاب مسرحيون اتخذوا من حياته وشخصيته وأخباره موضوعًا لأعمالهم مثل: إبراهيم الأحدب وسليم البستاني وأبو خليل القباني، وإن لم يكن هناك ما يدل على أن تلك الأعمال قد طبعت، ووضعت بين أيدي القراء في كتب، وكذلك محمد منذر خير الله الذي وضع مسرحية اسمها رواية مجنون ليلى مثلت على خشبة المسرح، وطبعت عام ألف وثمانمائة وثمانية وتسعين، ثم عندنا أحمد شوقي الذي ألف مسرحية (مجنون ليلى)، وتقيد فيها إلى حد بعيد بالروايات القديمة عن قيس وليلى واقتبس كثيرًا من عبارات تلك الروايات، ومن عبارات شعر المجنون مع شيء من التحويل الشفاف، ولدينا كذلك مسرحية لصلاح عبد الصبور اسمها (ليلى والمجنون)، وهي تجري في بيئة عصرية، إذ تقع حوادثها في مبنى صحيفة من الصحف القاهرية تشتغل فيها ليلى كاتبة، فهي إذن ليلى أخرى غير تلك الراعية البدوية من بدو نجد في بلاد العرب في عصر بني أمية.
وفي المسرحية تقوم ليلى وبعض زملائها بتمثيل مسرحية (ليلى والمجنون) لأحمد شوقي، كنوع من دفع الملل من خلال القيام بشيء يختلف عما يفعلونه كل يوم، وإن لم ينطقوا في المسرحية من شعر أمير الشعراء إلا بعض الأبيات القليلة، وتنتهي المسرحية برسالة من سعيد حبيب ليلى من خلف القضبان عبارة عن ترنيمة للعام الجديد، يأمل فيها أن يختفي جيله الذي يكتفي بالكلام والنضال الشفوي ضد الفساد، ويأتي بدلًا منه جيل جديد يعمل ويحمل السيف.
يا سيدنا القادم من بعدي، أنا أصغر من ينتظرك في شوق محموم لا مهنة لي، إذ إني الآن نزيل السجن، متهمًا بالنظر إلى المستقبل لكني أكتب لك باسم