وبالنسبة إلى الدوافع التي حدت به إلى وضع هذه الدراسة يقول: من هذا المنطلق كان اختياري لهذا الموضوع لأظهر أمام الباحثين طريقًا نسيه بعض الباحثين أو تناسوه، وهو طريق البحث في الأدب الكردي الإسلامي، ومن خلال قصة كبرى يعرفها جل الباحثين، فقد آثرت أن أبين مدى التقارب الشديد بين الترك والكرد على الرغم من وجود فجوات كثيرة بينهم، وذلك على الصعيد السياسي ثم يبين المنهج الذي سيتبعه في هذه الدراسة قائلًا: وقد آثرت كذلك أن أجعل هذه الدراسة بين أميرين كبيرين هما: أمير الشعر التركي فضول البغدادي في منظومته "ليلى والمجنون"، وأمير الشعر الكردي أحمدي خاني في منظومته "ميم وزيم"، إلا أنني فضلت تناول الموضوع من وجهة نظر نقدية حدثية، فعمدت إلى اختيار نظرية التناص السردي كأسلوب جديد لنقد العمل الأدبي؛ ولأن تطبيق هذه النظرية على ذلك العمل يمنح الدراسة نوعًا من الجدة والتنوع؛ لأن موضوع ليلى والمجنون درس كثيرًا من قبل الباحثين، وأحسب أنه إذا ما تم التعارض له فأجدر بنا أن نجدد في دراسته.
وهكذا يتبين لنا من خلال هذه العجالة الانتشار الواسع لقصة المجنون في الآداب الإسلامية، والصور والمعاني الغنية المختلفة التي اكتسبتها في تلك الآداب، وكذلك المناهج النقدية التي تمت دراستها من خلالها، وإن الإنسان ليستغرب من تلك المفارقة العجيبة التي تحيط بهذه الحكاية، إذ بينما يشكك في حقيقتها التاريخية نفر من الباحثين نراها وقد تمردت على هذا الإنكار والتشكيك، وانطلقت بكل عنفوان تكتسح الحدود بين الآداب الإسلامية وغير الإسلامية أيضًا، غير مبالية بشيء مما يجعلنا نتساءل: وماذا لو لم تكن تلك الحكاية محل تشكيك وإنكار؟ أتراها كانت تكون أقوى اكتساحًا، وأوسع انتشارًا واندياحًا، أم تراها لم تكن لتحظى بكل هذا الشيوع الذي لاقته، والعشق الذي احتازته؟ ألا إن هذا من عجائب الأقدار.