حكاية ليلى والمجنون في الأصل حكاية عربية، تنتمي من دون ريب إلى عصور ما قبل الإسلام، حتى وإن كان ثمة تخمينات وفرضيات تقول: إنه أعيد الاشتغال عليها شعريًّا ورواية حتى من بعد ظهور الإسلام، وهذه نظرية يدعمها طه حسين في كتابه الشهير، والمثير الجدل (في الشعر الجاهلي).

انتهى كلامه.

ولقد بحثت في كتاب طه حسين المذكور، فلم أجده قال هذا الكلام، وكل ما عثرت عليه هو قوله: للعرب خيالهم الشعري، وهذا الخيال قد جد وعمل وأثمر، وكانت نتيجة رده وعمله وإثماره هذه الأقاصيص والأساطير، التي تروى لا على العصر الجاهلي وحده، بل عن العصور الإسلامية التاريخية أيضًا، وقد رأيت في فصولنا التي سميناها (حديث الأربعاء) أَنَّا نشك في طائفة من هذه القصص الغرامية، التي تروى عن العذريين وغيرهم من العشاق في العصر الأموي، يجب حقًّا أن نلغي عقولنا كما يقول بعض الزعماء السياسيين؛ لنؤمن بأن كل ما يروى لنا عن الشعراء والكتاب والخلفاء والقواد والوزراء صحيح؛ لأنه ورد في كتاب (الأغاني) أو في كتاب الطبري، أو في كتاب المبرد أو في سفر من أسفار الجاحظ، ولا وسيلة بينه وبين زعمه إبراهيم العريس، كما هو ظاهر جلي.

والعجيب في قصة ليلى والمجنون، أنها رغم تشكيك بعض الباحثين في تاريخيتها قد حظيت باهتمام بالغ في الآداب والفنون غير العربية، ربما لم تحظ بها أية قصة عربية سواها.

فنقرأ مثلًا في مقال إبراهيم العريس السابق الذكر ما يلي: الحكاية بالتأكيد عربية إذن، ولكن من الواضح في الوقت نفسه أن شعوبًا أخرى وكتابًا آخرين من غير العرب قد اشتغلوا عليها وطوروها وحولوها إلى أجزاء من تراثهم الأدبي والعاطفي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015