مثلما لا يثبته على سبيل القطع أيضًا، بل يضعها كما يقول المعتزلة في حق مرتكب الكبيرة: في منزلة بين المنزلتين.

لكن يلاحَظ أنه لم يحاول أن يسوق الحيثيات التي دفعته إلى إصدار هذا الحكم، ومن (سير أعلام النبلاء) للحافظ الذهبي نقرأ في ترجمة قيس بن الملوح ما نصه: المجنون قيس بن الملوح وقيل: ابن معاذ، وقيل: اسمه بحتري بن الجعد، وقيل: غير ذلك من بني عامر بن صعصعة، وقيل: من بني كعب بن سعد، الذي قتله الحب في ليلى بنت مهدي العامرية، سمعنا أخباره من تأليف ابن المرزبان، وقد أنكر بعضهم ليلى والمجنون، وهذا دفع بالصدر، فما مَن لم يعلم حجة على من عنده علم، ولا المثبت كالنافي، ولكن إذا كان المثبت لشيء شبه خرافة، والنافي ليس غرضه دفع الحق، فهنا النافي مقدم، وهو كلام علمي إلى مدى بعيد، ولكن أخبار المجنون ليست من الخرافات في شيء، اللهم إلا بعض المبالغات كما شرحت آنفًا، أما شعره فيقول الذهبي في الحكم عليه: وشعره كثير من أرق شيء وأعذبه، وهو ما يدل على أن ذلك الشعر ذو ماء واحد، وينفح بعبق واحد كما قلنا، ومعروف أن قيس بن الملوح ينتمي إلى العصر الأموي، طبقًا لأخباره وأسماء الولاة والشخصيات التاريخية الشهيرة التي يرد ذكرهم فيها.

ويقول الحافظ الذهبي: إنه كان في دولة يزيد وابن الزبير، ومن ثَم فحكايته حتى لو صدقنا أنها حكاية خرافية لا يمكن أن تنتمي إلى ما قبل تلك الفترة، فضلًا عن أن تسبق الإسلام، كما يدعي إبراهيم العريس في مقال له بجريدة الحياة اللبنانية بتاريخ الرابع عشر من شهر ديسمبر سنة 2009 عنوانه: ألف وجه لألف عام مجنون ليلى على الطريقة الفارسية، صورة حضارات مشتركة، إذ يقول: إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015