لاختلاف الناس بشأن تفصيلات حياته وشخصيته، وللأسف يكرر الدكتور محمد مندور كلام طه حسين عن موقف الأصفهاني من قصة المجنون، وإن كان قد سلب على الدكتور طه أولية التشكيك في هذه القصة قائلًا: إن أكبر مصدر لها وهو أبو الفرج الأصفهاني قد شكك فيها، وفي تفاصيلها، ورواها بكل حذر واحتياط، وذلك كله قبل طه حسين بزمن طويل.
ويبقى الأساس الفني الذي اعتمد عليه طه حسين في إنكار قيس بن الملوح، وهو أن الشعر المنسوب إليه لا يشير إلى شخصية واحدة، ولا إلى نفس واحد، والحق أن هذا دليل منهار، فإن ذلك الشاعر لا يعبق إلى حد بعيد بالأنفاس ذاتها فنًّا ومضمونًا واستيلاءً على القلب، ولست أدري كيف وقع طه حسين في تلك الغلطة المضحكة، اللهم إلا إذا استحضرنا ما كان يسيطر عليه في كثير من كتاباته ومواقفه من عناد ورغبة في الشذوذ مهما يكن من تهافت الاعتبارات، التي يقدمها بين ذلك العناد والشذوذ.
ونص ما قاله هو: هل نستطيع أن نجد للمجنون شخصية ظاهرة بينة في هذه الأشعار الكثيرة المختلفة التي يرويها له أبو الفرج وغيره من الرواة؟ أما أنا فأزعم أن ليس إلى ذلك من سبيل لا أطيل في إثبات هذا الرأي، وإنما ألخص لك ما انتهيت إليه بعد البحث.
أما ذلك البحث الذي أدى بطه حسين إلى ذلك الإنكار، فها هو ذا نسوقه إلى القارئ كما سجله طه حسين قال: كل هذا الشعر الذي يُضاف إلى المجنون لا يخلو من أن يكون شعرًا قد قاله شعر معروف، وأخطأ الرواة فأضافوه إلى المجنون، أو قاله شاعر مجهول ووجد الرواة فيه ليلى فأضافوه إلى المجنون، أو انتحله الرواة أنفسهم أو انتحله المغنون وأصحاب الموسيقى وأضافوه إلى المجنون، ولقد