على أساس من التساوي بينهما، بعيدًا عن علاقة التأثير والتأثر، فيبين نقاط الالتقاء والابتعاد بين المؤلفات، وهذا هو المنهج الذي سنتبعه في الرسالة لعدم وجود علاقات التأثير والتأثر بين الأدبين العربي والكوري، نتيجة عدم وجود اتصال بينهما في تلك الفترة لأسباب جغرافية واجتماعية، على الرغم من تشابههما، ذلك أن الأدب كان في بداية القرن العشرين مهيئًا لوقوع الأدب المحلي الصادق فيه بوصفه أدبًا يحاول الهروب من الغرب وإثبات ذاته.
وعلى العموم أصبحت هذه الوجهة هي وجهة التيارات الأدبية المختلفة؛ لذلك ليس من المستغرب أن تتشابه الآداب في العالم في تلك الفترة، ويمكن أن نقول أيضًا: إننا اتبعنا هذا المنهج في الرسالة؛ لأن هذه رسالة تهدف إلى دراسة أبعاد العالم المتساوي.
انتهى الكلام.
بيد أنني أجد لزامًا علي بعد ذلك كله توضيح بأني لست من أنصار توسيع نطاق الأدب المقارن، بحيث يشمل أيضًا المقارنة بين الأدب وغيره من ألوان الإبداع والمعارف، طبقًا لما ينادي به "رينيه وليك"، وكذلك "إتش إتش رماك"، بل أرى في هذا تمييعًا للأمور، إذ من الواضح أنه لا يوجد في الواقع تجانس بين هذا اللون من الدراسة والمقارنة بين أدبين مختلفين، إننا في الأدب المقارن ندرس وجوه الاختلاف أو الاتفاق أو الصلة بين أدب وأدب، فلنبق داخل دائرة الأدب ولا نوسع الخرق على الراقع، وإلا لم تعد هناك حدود تميز هذا الميدان عن غيره من الميادين، ونحن بطبيعة الحال لا ننكر على أحد أن يدرس ما يشاء، بل كل ما نقوله: هو أننا لا نريد تمييع الحدود، حتى يكون الأدب المقارن شخصيته مثلما لكل علم آخر من العلوم المتصلة الأدب وغير الأدب شخصيته الواضحة المحددة، ولا يتحول لمثل مرقعة الدراويش، التي تتكون من قصاصات قماش متباينة الألوان والأشكال مخيط بعضها إلى بعض.