ولكن مأساة المعتمد بن عباد لم تلهمه إلا أقل مسرحياته نجاحًا، حتى إنها المسرحية الوحيدة التي كتبها نثرًا، فلم يتح لها الشعر الذي ينقذها من مصيرها الفاشل، وبدل مأساة اعتماد والمعتمد نرى قصة غرام بنت المعتمد بثينة بالفتى العربي حسون، التي تنتهي نهاية مفتعلة بدخول الحبيبين على المعتمد في سجنه في "أغمات" عند ملك المرابطين في شمال لإفريقيا؛ ليعقدا زواجهما داخل السجن، حتى شخصية المعتمد لم تنل حظها الواجب من عناية شوقي، وكأنما أراد لنا مسرحية ترفيهية تضمد جراحنا لمأساة آخر ملوك العرب على أرض الأندلس.
وهكذا نجد هذه الشخصية المفتعلة بثينة صورة نسائية مكررة من امرأة تحب، بل إنها تحب وتفوز بمن تحب، فلا نجد لها مأساة ولا مواقف تهز الإحساس، وتفجر الحب نحوها أو العطف عليها، لقد كتب شوقي سبع مسرحيات لعبت المرأة في ست منها أدوارًا رئيسة، ولم تبق إلا مسرحية علي بك الكبير، التي بدأ بها أيام كان لا يزال في فرنسا في فجر شبابه، ثم أعاد لنا كتابتها بعد ظهور (مصرع كيلوباترا) ونجاحها، فإننا نجد دور المرأة فيها باهتًا لا يكاد يذكر.
وفي مسرحياته التاريخية (مصرع كيلوباترا) و (أميرة الأندلس) و (قمبيز) نرى المرأة المثالية في حبها، وفي المسرحيات التي تعتمد على ما يشبه الأسطورة باسم (مجنون ليلى) و (عنترة)، نرى المرأة المتدلهة في الحب التي تصارع التقاليد، والعجيب أن التي تصارع التقاليد الأقل مدعاة إلى صراعها هي التي تقود الصراع الأعنف، فليلى تصارع مجرد تقليد ألا تتزوج الفتاة بمن شغف بحبها علنًا، بينما عبلة تصارع تقاليد التفرقة العنصرية والعنجهية القبلية أو الطبقية، ومع ذلك فكل أمورها تسير هينة لينة؛ حتى هونت المسرحية ولينتها، فانزلقت بها من مأساة إلى تراجيديا كوميديا أو فوفيل.