الطغاة اللصوص القتلة المفسدين، وإلا فلو صوره رغم ذلك في صورة مشرقة جميلة، لكان بهذا يمد في عمر تلك العيوب ويضعفها ويقويها، وليس ذلك من حب الأوطان والأهلين في شيء، ولقد استدرك مندور نفسه في هذا الموضوع قائلًا: إن شوقي رغم ذلك قد تغنى فأجاد التغني بمصر ومجدها وعظمتها وخلودها، وأكد أنها دائمًا مقبرة للغزاة.
وفي الكتيب الذي وضعه رفعت سلام عن المسرح الشعري العربي نراه يتناول هذه النقطة قائلًا عن حق: إنه في ظل الانهيارات المدمرة والصراعات المتوالية، والمصائر الدامية لفرسان المقاومة، فإن الموقف العام للشعب في مسرح شوقي يتسم بالسلبية والتخاذل، فالشعب لديه يتلقى الصدمات المتوالية، وصنوف القهر والعذاب دون أن يتفض ضد قاهريه، هو شعب كما قال:
أثر البهتان فيه ... وانطلى الزور عليه
ملأ الجو هتافًا ... بحياتي قائليه
لا يشارك في حركة الصراع إذ هو مفعول به وليس فاعلًا، وهذا الضعف الشديد الذي يتسم به الشعب إنما هو نتيجة انعدام الوعي الذي يقود إلى الانصياع وراء الحاكم المستبد، دون أن يتخطى موقفه مرحلة التذمر والسخط والشكوى، وفي الحالة النادرة التي تخطى ممثلو الشعب فيها هذا الموقف السلبي، وجنحوا إلى تكوين التنظيم الثائر في مصرع كيلوباترا، فإنهم ركنوا إلى الثرثرة دون الفعل، والكلام المتذمر دون التضحية الحقيقية المطلوبة، ولم ينطلق شوقي في نظرته هذه إلى الشعب من موقف التعالي والاحتقار، كما زعم البعض، ولكن من الأسى للدرك الذي وصلت إليه سلبية الشعب في مواجهة الحكام وتردي أوضاعه.