السائدة تمثل عند شوقي الإطار المرجعي للحكم الأخلاقي على شخوصه، فإذا استغرت مشاعر الفرد بأعراف الجماعة كان على الفرد أن يضحي بمشاعره في سبيل تحقيق هذه الأعراف، وفي هذا يتمثل الصراع الذي كتب على الشخصية المأزومة عنده أن تخوضه، وهذا المنحى يدل على رغبة شوقي في عدم الاصطدام بالتقاليد والأعراف، أو إحداث أي هِزة لها ومَيْله على العكس إلى تأكيدها.

وعلى الجملة يمكن أن يقال: إن التزام شوقي الأخلاقي بوجهيه الوطني والعرفي هو المسئول عما يكشف عنه تحليل الصراع في مسرحياته التاريخية وشبه التاريخية من نجاح أو إخفاق.

هذا ما قاله الدكتور عز الدين إسماعيل.

وهذه الملاحظة التي لاحظها الدكتور على مسرحيات شوقي التاريخية، واختياره فترات الانحلال والضعف في تاريخ مصر والعرب، قد لاحظها غيره من النقاد، وقد تناول الدكتور مندور هذا الموضوع فأشار إلى استنكار أولئك النقاد الذين لم يعجبهم اختيار شوقي لفترات الانحلال من تاريخ العرب والمصريين موضوعًا لمسرحياته التاريخية، ما دام قد ألفها من أجل الدفاع عن بلاده وأمته، ولست أرى لهذا الاستنكار معنًى؛ لأن حب الإنسان لوطنه وأمته ليس معناه أن أغفل عن عيوبهما، وأعمل على تصيير مساوئهما حسناتٍ، إن هذا ليس حبًّا، بل تزييفًا وتمكينًا للعيوب التي يعاني منها الوطن والأمة من البقاء والاستطان؛ فنظل متخلفين ضعفاء يرتع فينا الفساد، وتسرح ديدانه كما يحلو لها.

وإذا كان شوقي قد انتقد الشعب المصري في مسرحيته (مصرع كيلوباترا) مثلًا؛ فلأنه يستحق الانتقاد، إذ يبدو في بعض الفترات التاريخية وكأنه لا يعرف شيئًا اسمه الإنكار على الاستبداد والفساد، والثورة على ظالميه، والتمرد على مَن يسومونه سوء الطغيان والعذاب، بله الخروج إلى الميادين والشوارع للهتاف بحياة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015