أما ما يظن الدكتور عبد الحميد إبراهيم من أنه قد أضافه إلى مباحث الأدب المقارن حين قال: إنه ينبغي للمقارن الأدبي العربي أن ينطلق إلى المقارنة بين إبداع أدبي غربي، ونظير له في أدبنا القومي من المنطلق الفني، إذا رأى في العمل الأدبي الغربي ما يذكره بعمل عربي من الناحية التقنية؛ فيدرس العملين عن قرب ويدرس كل ما يتصل بهما مما يمكن أن يوصله إلى التأثير والتأثر بينهما، كما هو الحال مع رواية "كفكا" عن أمريكا، التي ذكر أنه بعد قراءته لها شعر أنها لا تمت من الناحية الفنية إلى أعمال "كفكا" الأخرى، بل تختلف عن الأعمال الروائية الأوربية بوجه عام، وتقترب بالأحرى من جنس المقامات، التي تقوم على وحدات مستقلة ليس من اللازم أن تخضع لخط تطوري يربط فصولها بعضها ببعض؛ ليتبين في النهاية أنها متأثرة بالمقامة العربية، إما مباشرة وإما عن طريق روايات الشطار الأوربية في بدايات عصر النهضة تلك الروايات، التي تأثرت بدورها بفن المقامة.
أقول: إن ما يظن الكاتب أنه قد أتى فيه بالجديد هو في الواقع ليس جديدًا البتة، إذ الأدب المقارن لا يقتصر كما يوحي كلام الدكتور على الصلات الفكرية بين الأعمال الأدبية، بل يشمل كل شيء مما يدخل في الإبداع الأدبي من أسلوب وتصوير وعاطفة وخيال وبِنية، اللهم إلا إذ كان يقصد فقط أن كتاب الدكتور محمد غنيمي هلال بالذات يفتقر إلى المعالجة الفنية في مقارناته الأدبية، لكن الآن ليس هو كل المقارنين العرب، ولا حتى كل المقارنين المصريين، ومن ثم لا أستطيع أن أرى جديدًا فيما ذكر الدكتور عبد الحميد إبراهيم أنه ينبغي للمقارن الأدبي العربي أن يصنعه في هذا الصدد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.