الثلاثينيات من القرن الماضي في مجلة "الرسالة"، وقارن فيها بين الأدبين العربي والإنجليزي في عدد من الأجناس الأدبية وغيرها.
وأنا لا أرى بذلك بأسًا على الإطلاق، إذ إني لا أذهب مذهب من يشترط من دارسي الأدب المقارن أن تكون هناك صلات بين العملين الأدبيين، اللذين نريد المقارنة بينهما، والدكتور محمود مكي كاتب مقدمة الكتاب الذي تضمن مقالات أبي السعود هو من المناصرين لهذا الرأي، إذ يقول: إن المدرسة الفرنسية تنفي هذه المقالات من دنيا الأدب المقارن، إلا أنها بمنطق المدرسة الأمريكية إذا طعمت بالنزعة الإنسانية الحقيقية تكسب مشروعية كاملة في انتمائها للأدب المقارن.
وهنا نجد الدكتور عطية عامر يؤكد ببساطة وثقة وعن حق، أن أبا السعود قد سبق بذلك "أوست ورن" و"رينيه" وليك"، رائدي المدرسة الأمريكية أنفسهما، كما لاحظ الدكتور مكي قد قصر اهتمامه في تلك المقالات على رصد أوجه التشابه والاختلاف مع تغليب الاهتمام بالجانب الأخير، فإن هذا في حد ذاته هدف عظيم، إذ من خلال مثل هذا الرصد نستطيع أن ننظر إلى تراثنا الأدبي والنقدي بعين غير العين التي ألف النظر بها إليه، وحينها تكون لدينا فرصة أفضل من رؤية مزاياه وعيوبه، وحتى لو كانت النتائج التي يتوصل لها أبو السعود وسواه غير دقيقة أو متسرعة أو نيئة، فإنها لكفيلة رغم هذا باستفزاز أذهاننا وعواطفنا، ودفعنا دفعًا للتعمق في دراسة هذا التراث، وإعادة النظر فيه وبلوغ زواياه البعيدة وخفاياه المظلمة المتربة، التي لم ينفض عنها الغبار منذ زمن طويل، ومحاولة الطب لعيوبه والنهوض به، وجعله قادرًا على مساماة أعظم آداب العالم وهكذا.