إن الدكتور عبد الحميد إبراهيم يرفض أن يكون الأدب المقارن عندنا نحن العرب في خدمة أفكار الأوربيين، بحيث يقتصر الكلام فيه على تأثير الآداب الأوربية في أدب العرب، دون الاهتمام بالسير في الاتجاه المقابل اتجاه تأثير الأدب العربي في الآداب الغربية، ونحن معه في هذا، إلا أن ما يوحيه كلامه من أن المقارنين العرب كلهم على بكرة أبيهم تقريبًا قد فعلوا ويفعلون هذا، غير صحيح.
بل إن الدكتور غنيمي هلال ذاته قد تكلم في عدة مواضيع من كتابه عن ذلك التأثير، وإن لم يتوسع فيه توسعه في الحديث عن التأثير المضاد، ولدينا مثلًا عبد الرحمن صدقي، الذي أبدع كتابًا عن تأثر الشاعر والفيلسوف الألماني "ولهم بوته" بأشياء كثيرة من الأدب العربي والقرآن والسنة النبوية، ومثله في ذلك عبد المطلب صالح صاحب كتاب (موضوعات عربية في ضوء الأدب المقارن)، وفيه ألقَى أضواءً ساطعةً على ما يدين به الشاعر والقصاص الفرنسي "فيكتور هيجو" في إبداعاته للإسلام، وكذلك الدكتورة مكارم الغامري، إذ لها كتاب هام بعنوان (مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي)، كشفت فيه بالتفصيل تأثر كبار الأدباء الروس بالأدب العربي والإسلام، وهناك الدكتور أحمد محمد البدوي، وكتابه (أوراق شرقية في القيثار الغربي)، الذي كشف الستار فيه عن تأثر الشاعر والقصاص الأمريكي الشهير "إدجار ألن بو" بعناصر إسلامية واضحة.
ولدينا أيضًا الدكتور عبد الله الطيب السوداني، الذي تحدث عن تأثر "تي إس إليوت" بمعلقة لبيد بن ربيعة، وعندنا كذلك الدكتور بديع محمد جمعة الذي له بحث عن "تأثر الأدب الفرنسي بالأدب العربي في فن المقامة"، وهناك كذلك الدكتور مصطفى حجازي السيد والدكتور محمد إبراهيم محمد أبو عجل،