ودمنة)، فقد اختلف في أمره فقيل: عملته الهند، وخبر ذلك في صدر الكتاب، وقيل: عملته ملوك الإسكانية ونحلته الهند، وقيل: عملته الفرس ونحلته الهند، وقال قوم: إن الذي عمله بزرجمهر الحكيم وأجزاء، والله أعلم بذلك.

وتعليقي على هذا أنه ما دام الأمر كذلك، فلست أدري وجهًا لقول الدكتور عبد الحميد إبراهيم: إن الأدب المقارن قد جاء إلى العالم العربي من فوق منقولًا من الجامعات الفرنسية على يد الدكتور محمد غنيمي هلال في كتابه (الأدب المقارن)، ذلك أننا قد رأينا بأنفسنا أن تراثنا مفعم بمثل تلك الأبحاث، وإن كان أسلافنا كما قلت: لم يهتموا بصك المصطلحات ولا بتسمية العلم، الذي كانوا يدورون في فلكه بل لم يتنبهوا فيما هو واضح إلى أنهم يكتبون أدبًا مقارنًا، وهذا كل ما هنالك.

وحتى لو غضضنا الطرف عن التراث الأدبي القديم في الدراسات الأدبية المقارنة، فهذا هو رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشدياق وروح الخالدي مثلًا، يكتبون أدبًا مقارنًا قبل محمد غنيمي هلال، بل قبل أن نعرف التعليم الجامعي نفسه بزمن طويل.

أما بالنسبة إلى دعوى عبد الحميد إبراهيم بأن الدكتور محمد غنيمي هلال حين تناول الأجناس الأدبية من وجهة نظر الأدب المقارن، إنما حصر نفسه في الملحمة والخرافة والقصة والمسرحية، ولم يتطرق إلى ذكر أي جنس أدبي عربي كالخطابة والشعر والحكمة، فقد فاته أن هلال قد أورد ضمن الأجناس الأدبية التي ذكرها في كتابه المقامة مثلًا، وعرض لتأثيرها في رواية الشطار، التي انتشرت في أوربا في بداية عصر النهضة، كما تحدث عن "دانتي" وتأثره بالأدب العربي الإسلامي في نظمه للكوميديا الإنسانية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015