بصبغتهم الاجتماعية، ونسي وطنه وقوميته القديمة، ولم يعد يهتم بمشكلات الأمة التي كانت ينتسب إليها من قبل ... إلخ. فعندئذ فالمنطق يقتضي إلحاقه بالأدب الذي يصطنع لواقعه إذًا.

أما أمريكا التي يُدرس أدبها عادة على أنه جزء من الأدب الإنجليزي، فهناك من باحثيها -كما رأينا- من يُناضل ضِدّ الفكرة القائلة بأن ما يكتبه الأمريكان والإنجليز هو أدب واحد؛ لأننا بصدد أمتين متباينتين، سلكتا منذ القرن التاسع عشر طريقًا ثقافيًّا، وبالتالي أدبيًّا متباعدًا تمامًا، ويرون أنّ إنتاجهم الأدبي يدخل في مجال الأدب المقارن، على رغم أنهما مكتوبان في اللغة نفسها كما نقل عنهما الدكتور "طاهر مكي".

ولا شك أن أمامنا في هذه الحالة قوميتين مختلفتين لا تتطلعان إلى قيام وحدة بينهم، إن لم يكن بسبب أي شيء آخر؛ فبسبب المسافة الشاسعة التي تفصل بين الشعبين، كما أن بينهما تاريخًا من الصراع والحروب؛ فضلًا عن الاختلاف في مضمون الأدبين وروحيهما، واهتمامات كل منهما وطعمه؛ مما عليه المعول الأكبر في مثل هذا التمييز كما قلنا من قبل، ومثل أمريكا في ذلك الأمر في القارة الاسترالية.

باختصار؛ نخرج من هذا: بأنه في حالة تطابق اللغة والقومية، أو الوطن لدى الأديب؛ فحينئذ فلا مشكلة، أما إذا كان ثمة تعارض فالعبرة بالشعور القومي للكاتب، واتجاهاته وهمومه، وبمضمون العمل الإبداعي وروحه, لكن هل تراني قلت كلمة الفصل في هذا السبيل؟ لا أظن، بل هي مجرد وجه نظر ينبغي أن تدرس وتحلل، وتبدى فيها الآراء، وهذا كل ما أستطيع أن أقوله ولا أزيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015