لها موضوع واحد، وأن تقع في يوم وليلة لا تزيد عليهما، وأن تدور أحداثها كذلك في مكان واحد؛ فلا تزيد دائرة المكان الذي تجري فيه الوقائع، عن المساحة التي يمكن أن يتحرك فيها الشخص خلال يوم كامل.
إلا أن ذلك كله قد تغير مع القرون، فلم يعد هناك حد أعلى لشيء من هذا، على ما هو معروف في المسرحيات الحديثة؛ إذ لم يعد هناك داع للاستمساك بها، بعد أن تطورت وسائل المواصلات، بحيثُ يستطيع الإنسان أن يتنقل خلال الأربع والعشرين ساعة في مساحة من الأرض، لم تكن تخطر على بال الأقدمين الذين وضعوا هذا القيد على المؤلفين المسرحيين.
ولا بد كذلك أن يكون للمسرحية نهاية؛ فلا تبتر بترًا، بل ينبغي أن يشعر القارئ والمشاهد أن الأمور قد وصلت إلى نهايتها الطبيعية، بغض النظر عن أن تكون تلك النهاية مريحة أو مزعجة, سعيدة أو شقية, تتفق مع ما يريده المستقبل للعمل أو لا، وإلا أحس أنه أخذ على غرة، وبقي فضوله قلقًا ومقلقًا له، وهذا أمر جد مزعج.
إن المسرحية تقوم على عنصر التشويق، وهو العنصر الذي يدفع مستقبل العمل إلى متابعته، بغية الوصول إلى نهاية شافية مريحة؛ فإذا بتر المؤلف المسرحية بترًا كان هذا بمثابة حرمان الظامئ من كوب الماء الذي أعطيته إياه ليشرب، ثم لم تتركه يطفئ غوار عطشه، بل انتزعته منه قبل أن يفعل.
ومن أقدم المسرحيات في الآداب العالمية المسرحيات الإغريقية، التي كان لنشأتها علاقة بعقائد اليونان الوثنية, إذ كان الإغريق يؤمنون بآلهة متعددة كـ"دونيزيوس" إله النماء والخصب، وقد اعتادوا أن يقيموا له حفلين: