مبدعوها أنهم يمارسون فنا مستقلًّا، بل دون أن يدور في خلدهم أن مصطلح القصيدة يمكن أن يطلق على شيء من النثر.
وما يقال عن المقال وقصيدة النثر، يصح قوله بالنسبة للمذاهب الأدبية من رومانسية وواقعية وبرناسية وطبيعية، إذ ما أكثر النماذج الشعرية والنثرية التي تدخل بكل سهولة تحت لواء كل هذه المذاهب، دون أن يعني قدماؤنا أنفسهم بتصنيفها، وتخصيص مصطلحات معينة لها، إذ كان يفعلون ذلك بعفوية، وكأنهم يمارسون أمرًا فطريًّا.
ولقد أخذنا في العصر الحديث هذه التسميات وفلسفاتها وتنظيراتها، من الأدب والنقد الغربيين، واجتهدنا في تطبيق ذلك على إبداعنا الأدبي في القرن العشرين، والقرن الحادي والعشريين تقليدًا منا لما قراناه في آداب الغرب ونصوصه القديمة.
وتبقى العبارات التي نقلناها نقلًا من عن اللغات والآداب الغربية، ولم تكن تعرفها لغتنا وآدابنا من قبل ومنها قولنا: "أعطاه الضوء الأخضر" و"سلمه صكا على بياض" و"سقط بين كرسيين" التي أدخلها فيما أذكر الدكتور "طه حسين" أي: "لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن", و"يفعل كذا في الساعة الرابعة عشر" أي بعد فوات الأوان, و"أحس بالألم يتغلغل حتى النخاع" أي بلغ ألمه أقصى مداه.
علاوة على الإكثار من الصور البيانية التي تتراسل فيها الحواس أو تشبهها مثل: "السكون المشمس" و"اللون الصارخ" و"الرائحة النفاذة" و"الشعارات الزاعقة" و"الابتسامة الصفراء" و"الكلام اللزج" و"ضوء القمر الهامس" و"الشفق الباكي" و"الصفصافة الحزينة" و"الحزن العذب" و"قلب من ذهب" وما إلى هذا.
والسلام عليكم ورحمة الله.