كان لا ريب في القيود الصناعية ستجري عليها أحكام التغيير والتلقيح، فإن أوزاننا وقوافينا أضيق من أن تنفتح على أغراض شعر؛ تفتحت مغاليق نفسه وقرأ الشعر العربي، فرأى كيف ترحب أوزانهم بالأقاصيص المطولة، وبالمقاصد المختلفة، وكيف تلين في أيديهم القوالب الشعرية فيودعونها ما لا قدرة للشاعر عربي على وضعه في غير قالب النثر.
وقد عَكَف أعضاءُ مدرسة الديوان على الأدب الإنجليزي؛ فوجدنا في أشعارهم تأثرًا بقصائد متعددة من "شل" و"هود" و"أديسون" و"كارليم" وغيرهم من شعراء ديوان الذخيرة الذهبية " golden tragiry".
لقد كان اتصال الغرب بالعرب سبب من أسباب انتشار موجة الرومانسية في تلك الفترة، وكانت مطالعة الكتاب من المختارات الشعرية المعروفة بـ" golden tragiry" والاهتمام بالناقد الإنجليزي "ويليم هازلت" من المؤثرات الواضحة في شعرائها.
لقد كان "شُكري" الذي يعده بعض مؤرخي الأدب العربي الحديث مؤسس هذا الاتجاه، متأثرًا بالمدرسة الإنجليزية الرومانسية في الشعر منذ زمن دراسته في انجلترا ما بين 1909 و1912م، وعلى وجه الخصوص "ميشيلي" و"بايرون" و"كيتس ويلز ويلز" وبعد عودته التقى "بالعقاد" و"المازني" وأطلعاهما على إبداعات الأدب الإنجليزي مما أثر تأثيرًا شديدًا على التوجه الشعري الجديد عند زميليه، فالتزما مفاهيم الشعر والنقد الإنجليزي، ودافع عنها بشدة؛ حتى قد لاحظ بعض النقاد أن المعاني التي صدر عنها "العقاد" و"المازني" في بعض أشعارهما هي نفس المعاني التي يجدها القارئ في عدد من المختارات الشعرية لكتاب (الذخيرة الذهبية) الذي وضعه "بل جريف" أستاذ الشعر في جامعة أكسفورد.