وأدت مدارس الشعر في العصر الحديث مثل مدرسة الإحياء، والديوان، وأبوللو، والمهجر، والمدرسة الحديثة، دورًا مقدرًا في بلورة اتجاهات الشعر، والخروج بها من التجريب والتنظير إلى التطبيق والانطلاق.
ويُعد الشاعر "محمود سامي البارودي" رائد حركة الإحياء في الشعر العربي الحديث غير منازع، وأدى تلاميذه من بعده "أحمد شوقي" و"حافظ إبراهيم" و"أحمد مُحرم" ومن سلك مسلكهم دورًا كبيرًا في بعث الحياة والفن معًا في بنية القصيدة العربية، وكانت ريادة هؤلاء النفر العامل الفاعل في تطور الشعر العربي في العصر الحديث، وإعادته إلى عصره الذهبي؛ فهم بعدوا بالشعر عن تلك الأساليب الركيكة المبتذلة، ونفثوا فيه قوة وإشراقًا هي صنو لإشراق اللغة العربية وقوتها بعد جمودها، قبل عصر النهضة في تلك القوالب ذات الصيغ المزركشة المصطنعة.
وقد وفق هذا الجيل على مد جسرٍ فكري فني شعري، يربط الماضي بالحاضر، فكان بعثهم للقصيدة العربية لا يخلو من محافظة على موروثها وقيمها وإيقاعها وأوزانها, فالقصيدة لديهم فخمة الإيقاع، جزلة الألفاظ قوية التعبير، رصينة المعنى مواكبة لمتطلبات العصر وأحداثه, وجد الشعر هذه الفئة من رواد الإحياء والبعث صدى طيبًا في نفوس الشباب، وكان معظم هؤلاء الشباب ممن تفتحت عيونهم وعقولهم على الثقافات الأجنبية.
ويمثل "أحمد شوقي" اللبنة الثانية بعد "البارودي" في نهضة الشعر الحديث؛ فقد كان متصلًا اتصالًا واعيًا، بالأدب العربي القديم، واستطاع أن يحيي نماذجه الرصينة كأشعار "البحتري" و"أبي نواس" وغيرهم، ومن هنا كان بعثه للقصيدة العربية مستمدًّا من إحيائه لنماذج الشعر القديم، وكون لنفسه أسلوبًا شعريًّا