ووضوح الغرض الأخلاقي أو التعليمي، وتدخل المؤلف في سياق الأحداث بتعليقاته المباشرة، والاستشهاد بين الحين والحين بالأمثال والحكم وأبيات الشعر ... إلخ.

وفي كل بلد عربي يَقِفُ مُؤرّخي الروايات ونقادها عادة عند إحدى الروايات بوصفها البداية الحقيقية للرواية الفنية الجيدة، ففي مصر يحددون هذه البداية محمد حسين هيكل "زينب" التي ظهرت في بداية العقد الثاني من القرن العشرين لما فيها من تصوير دقيق للريف المصري، بمناظره الطبيعية وحقوله وطيوره وبيوته وعاداته وتقاليده، ومعالجتها بعض القضايا المهمة كالعلاقة بين الفلاحين ومالك الأرض، والعلاقة العاطفية بين زينب وحامد بم المالك الذي كانت تشتغل مع سائر الفلاحين في أرضه، وبينها وبين إبراهيم الذي كانت تحبه ولكن لم يكتب لها الزواج منه، بل تزوجت حسن رغم أنها لم تكن متعلقة به.

وكذلك التطور الفكري لحامد الطالب المطلع على كتب الفلسفة وما أشبه، إلى جانب أسلوب القصة العصري البسيط الخالي من السجع والجناس والزخارف البديعية الأخرى، وإن لم تعد ريادة هيكل لفن الرواية أمرًا يحظى بإجماع، إذ يشير بعض الدارسين إلى أن زينب قد سبقتها قصص أخرى جيدة فنًّا ومضمونًا، كـ"عذراء دنشواي" لمحمود طاهر حقي، و"فتاة مصر" ليعقوب صروف.

وتتجسد البداية الناضجة للفن الروائي في بلاد الرافدين، في محمود أحمد السيد وروايته "جلال حامد" سنة 1928، التي تأتي ثالثة في ترتيب ما أصدره من أعمال روائية، وهي تدور حول ثورة العراق عام 1920، ورحيل البطل إلى الهند وعودته بعد فشل الثورة المذكورة، وتعكس آراء الكاتب السياسية والاجتماعية والأدبية من مثل حق العمال في الإضراب لتحسين أوضاعهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015