وبعض هذه الأعمال هو في الأصل من الأعمال المسرحية، إلا أن المنفلوطي حوله إلى رواية، كما أنه لم يترجمها بنفسه، بل ترجمت له ثم أعاد هو صياغتها بأسلوبه، وهذه ليست إلا بضعة أمثلة فقط من أسماء الرواد المصريين في ميدان الترجمة الروائية، وإلا فإن هذا اللون من الترجمة ما زال ماضيًا في طريقه حتى الآن، وشاركت فيه أقلام كثيرة على ما هو معروف.
وإذا كان عدد من هذه الترجمات قد صب في أسلوب سليم متين، كما هو الحال فيما ترجمه محمد عثمان جلال والمنفلوطي وحافظ إبراهيم؛ فإنّ كثيرًا منها لم يعن به العناية اللازمة، فجاءت لغته هزيلة ركيكة مبتذلة لا تخلو من الأخطاء الصرفية والنحوية، وكان بعض المترجمين لا يهتم إلا بتأدية المعنى كيفما اتفق.
إذ كلما قرأ فصلًا من الرواية التي يترجمها نحاها جانبًا، ثم شرع يترجم من الذاكرة ناسيًا أشياء ومضيفًا أخرى ومقدمًا ومؤخرًا حسبما يحلو لذاكرته، ودون أن يراجع ما كتب، إذ كثيرًا ما كان المترجمون يتخذون من ذلك العمل محترفًا لكسب الرزق، فلم يكن لديهم وقت للتدقيق والتجويد وإحسان التعبير، كما كانوا يحولون الحوار في كثير الأحيان إلى سرد، مضيفين إليه بعض محفوظاتهم من الشعر العربي مما يناسب الموقف، فضلًا عن أن كثير من الروايات التي عربوها لم تكن من روائع القصص في كثير أو قليل، بل من الروايات الشعبية التي يراد بها التسلية، ولا تهتم إلا بالتشويق والمغامرات وحيل اللصوص والمجرمين وما إليها.
ومن الشام يُمكن أن نذكر بطرس البستاني الذي ترجم "روبنسن كروزو دي دانيال ديفو" سنة 1861م، وسماها "التحفة البستانية في الأسفار الكروزية"، ويوسف سركيس مترجم "الرحلة الجوية في المركبة الهوائية" لجون فيرن" سنة 1875، وأليكسيز زامو خون مترجم الرويات الثلاث لفرنسوا كوبيه.