مُزجت ْ روحي وروحك كما ... تمزَج الخمرة بماء الزلال

ولم يعرف عنه يومًا أنه كان مصلحًا أو كان يهتم بشيء من هذا، بل كان يتظاهر أمام كل إنسان بما يوافق معتقده، فضلًا عما كان يمارسه من شعبزات ومخاريق، وهناك شهادة لزوجة ابنه لا تجعلنا نستريح إلى ذلك الرجل، إذ يبدو أنه كان يطمع في النيل من عِرْضها، وفي عصرنا هذا -للأسف- هناك أدباء ينتمون للإسلام يختارون رموزهم الأدبية من أمثال الحلاج، الخارجين على الدين، جاعلينهم أبطالًا، مع أنهم لم يكونوا من البطولة ولا كانت البطولة منهم في شيء.

ولا أدل على ذلك من أن الحلاج كان يرتعد من فكرة الموت، فكان يستعطف قضاته، قائلًا: اللهَ اللهَ في دمي، فكيف يقال: إنه كان يسعى إلى الاستشهاد والموت في سبيل مبادئه الاجتماعية والسياسية التي قام يدعو إليها!!.

ومن هنا فإن ما كتبه بعض النقاد عن تلك المسرحية، من أن صلاح عبد الصبور قد توقف طويلًا أمام شخصية الحلاج، وقرأ ما كتبه القدامَى والمستشرقون عن هذه الشخصية، وآثَرَ أن يبعثها بعثًا جديدًا في صورة الثائر الديني، والمصلح الاشتراكي، فقدم لنا بطلًا قضيته الأساسية هي محاربة الظلم والفقر بمعناهما الروحي والمادي، ومن ثَمَّ ركز على الجوانب التي تجعل منه رجلًا ربانيًّا يكره الطغيان وينشد العدل، وأنه بما أعطاه الله من نور المعرفة كان يعرف دوره كالثائر الديني، فقام بخلع الخِرقة التي تعني تجرد الصوفي من متاع الدنيا ونزل إلى الناس، واعيًا أن الصوفي الذي يرى إرضاء الله بشعار الخرقة سيرضيه أيضًا بخلعها في سبيل الدفاع عن مصالح عباده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015