الحلاج)، ويقدم عرضًا موجزًا لتاريخ حياة الحلاج، موضوع المسرحية، لينتقل من ذلك إلى عرض أحداث المسرحية في إيجاز. ثم يقول: إن التشابه بين مسرحية إليوت (جريمة قتل في الكاتدرائية) ومسرحية عبد الصبور (مأساة الحلاج) تشابه يلفت النظر، فكلتاهما كتبت في الشعر الحر، وفي فصلين، وكلتاهما تتناول أحداثًا تاريخيةً ودينيةً تشكل جزءًا حقيقيًّا من الثقافة التي ينتمي إليها كاتبها، وكلا الشاعرين يضمن النظم مقطوعات جد بليغة من النثر، وهو نثر يثير التقاليد الدينية الخاصة بكل منهما.

والدافع الحقيقي للاستشهاد في كلتا الحالتين مبهم: في مقدمة المسرح يقف الفرسان في مسرحية إليوت، وفي مسرحية عبد الصبور تقف المجموعة التي تصيح مطالبةً بصلب الحلاج، ومن خلفهم قف إنسان غير واضح المعالم، وهو الملك هنري في مسرحية إليوت، وقضاة صلاح عبد الصبور الذين يدينون الحلاج، حيث يقدم إليوت مسألة استعداد "بيكت" للسعي إلى الموت الذي يلوح أمامه، ويثير صلاح عبد الصبور مسألةً مشابهةً من خلال المريدين الذين يزعمون أنهم قد تسببوا في استشهاد الحلاج بِناءً على رغبته.

وهكذا، فإن المسرحيتين في أبعد مستوًى لهما ترتكزان على إرادة الاستشهاد. ولكن كلا القتيلين مع ذلك متقبل لمصيره بابتهاج، يقول "بيكت": إن كل شيء يسير نحو إنجاز بهيج، ويسعى الحلاج إلى متعة منح حياته لله. ويوضح سمعان أن الفرق بين موقف الرجلين - المتمثلة في تطوع الحلاج بمنح حياته لله من جهة، وقناعة "بيكت" بتنفيذ المقدور من جهة أخرى- هذا الفرق ناجم عن الاختلاف بين المسرحية الأرثوذوكسية وبين التصوف الإسلامي. موضحًا الفروق بينه -أي: بين التصوف- وبين الإسلام كدين. ثم يشير سمعان في ختام مقاله إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015