بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني عشر
(أثر الأدب العربي في الآداب الإسلامية (2))
لقد حاكى الشعر الفارسي الشعرَ العربي الذي انفتح عليه شعراء الفارسية وأدباؤها بعد الإسلام بشكل عام في دروبه وقوالبه وأغراضه الشعرية، وحذا حذوه في عروضه وبديعه، وكان أكثر شعراء الفارسية في القرون الإسلامية الأولى ينظمون أشعارهم بالفارسية والعربية، وعرَف الشعر الفارسي لونًا من النظم يسمى "الغزل" وهو شيء يختلف عن الغزل في الشعر العربي؛ لأنه إذا كان هذا المصطلح في العربية يعني محادثة النساء والإفاضة بذكرهن، وينحصر موضوعه في الحب والوجد، فإن الغزل في العرف الشعري الفارسي ليس غرضًا من أغراض الشعر فحسب كما هو الحال في العربية، بل أضحى أيضًا لونًا من ألوان الشعر له ملامح خاصة، ومواصفات محددة.
فهو قطعة شعرية يتراوح عدد أبياتها بين خمسة وأربعة عشر، بغض النظر عن غرض تلك القطعة، وقد اعتاد شعراء الفارسية على نظم ثمانية أبيات أو تسعة في الغزل، فإذا تجاوز هذا المقدار كان ذلك أمرًا مذمومًا، ولا بد أن تنظم أبيات الغزل الفارسي على قافية واحدة، فضلًا عن مجيء صدر البيت الأول على نفس القافية، ومع هذا فقد ابتدع الشاعر "نيما" أسلوبًا جديدًا في الغزل الفارسي المعاصر، يتمثل في الخروج على نظام القافية والوزن الواحد، يسمى "الغزيل"، ويمكن تصنيف الغزل الفارسي إلى:
- "غزل وطني" وظهر في أشعار عارف القزويني وفروخي اليزدي وأبي القاسم اللاهوتي.
- و"غزل تقليدي" وهو الغزل الذي يعد استمرارًا لأسلوب الغزل القديم، ويقف في طليعته شهريار ورهي معيري.